22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه
  ووصفاء. فدخلتها(١) فقيرا وأصبحت من جلَّة أهلها ومياسيرهم.
  وذكر لي هذا الخبر عبد اللَّه بن الرّبيع عن أبي حفص الشّيبانيّ عن محمد بن القاسم عن إسماعيل بن جامع قال:
  / ضمّني الدهر بمكة ضمّا شديدا فانتقلت إلى المدينة. فبينا أنا يوما جالس مع بعض أهلها نتحدّث، إذ قال لي رجل حضرنا: واللَّه لقد بلغنا يا بن جامع أن الخليفة قد ذكرك، وأنت في هذا البلد ضائع! فقلت: واللَّه ما بي نهوض. قال بعضهم: فنحن ننهضك. فاحتلت في شيء وشخصت إلى العراق، فقدمت بغداد، ونزلت عن بغل كنت اكتريته. ثم ذكر باقي الحديث نحو الذي قبله في المعاني، ولم يذكر خبر السوداء(٢) التي أخذ الصوت عنها.
  وأحسبه غلط في(٣) إدخاله هذه الحكاية هاهنا، ولتلك خبر آخر نذكره هاهنا(٤). قال في هذا الخبر: إن الدّور دار مرّة أخرى حتى صار إليّ؛ فخرج الخادم فقال: غنّ أيها الرجل! فقلت: ما أنتظر الآن! ثم اندفعت أغنّي بصوت لي وهو:
  فلو كان لي قلبان عشت بواحد ... وخلَّفت قلبا في هواك يعذّب
  ولكنما أحيا بقلب مروّع ... فلا العيش يصفو لي ولا الموت يقرب
  تعلَّمت أسباب الرضا خوف سخطها ... وعلَّمها حبّي لها كيف تغضب
  ولي ألف وجه قد عرفت مكانه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب(٥)
  فخرج الرشيد حينئذ.
  نسبة ما في هذه الأصوات من الأغاني
  صوت
  شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا ... فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا
  وذاك لأنّ النوم يغشى عيونهم ... سراعا وما يغشى لنا النوم أعينا
  / إذا مادنا الليل المضرّ بذي الهوى ... جزعنا وهم يستبشرون إذا دنا
  فلو أنهم كانوا يلاقون مثل ما ... نلاقي لكانوا في المضاجع مثلنا
  عروضه من الطويل. وذكر الهشاميّ أن الغناء لابن جامع هزج بالوسطى، وفي الخبر أنه أخذه عن سوداء(٦) لقيها بمكة.
  ومنها:
(١) يريد مدينة بغداد التي تقدّمت في أوّل الخبر.
(٢) كذا في جميع الأصول هنا وفيما سيأتي. وقد تقدم أن الجارية التي أخذ عنها كانت حميراء وقد ذكر ذلك في موضعين.
(٣) يريد به محمد بن ضوين الصلصال التيمي وهو الذي ذكر هذا الخبر فيما تقدّم وذكر فيه خبر السوداء التي أخذ عنها ابن جامع الصوت.
(٤) ذكرت هذه القصة في آخر ترجمة ابن جامع.
(٥) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «يذهب».
(٦) انظر حاشية رقم ١ ص ٣١٩ من هذه الترجمة.