كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه

صفحة 10 - الجزء 7

  تحيّر عن قصد مجراته ... إلى⁣(⁣١) الغور والتمس المطلعا

  / فقلت وأعجبني شأنه ... وقد لاح إذ لاح لي مطمعا

  لعلّ الوليد دنا ملكه ... فأمسى إليه⁣(⁣٢) قد استجمعا

  وكنّا نؤمّل في ملكه ... كتأميل ذي الجذب أن يمرعا

  عقدنا له محكمات الأمو ... ر طوعا وكان لها موضعا

  فروي هذا الشعر، وبلغ هشاما، فقطع عن الوليد ما كان يجري عليه وعلى أصحابه وحرمهم؛ وكتب إلى الوليد: قد بلغني أنّك اتّخذت عبد الصمد خذنا ومحدّثا ونديما؛ وقد حقّق ذلك ما بلغني عنك، ولن أبرّئك من سوء؛ فأخرج عبد الصمد مذموما. قال: فأخرجه الوليد وقال:

  لقد قذفوا أبا وهب بأمر ... كبير بل يزيد على الكبير

  وأشهد أنهم كذبوا عليه ... شهادة عالم بهم خبير

  فكتب الوليد إلى هشام بأنه قد أخرج عبد الصمد، واعتذر إليه من منادمته، وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه - وكان من خاصّة الوليد - فضرب هشام ابن سهيل ونفاه وسيّره - وكان ابن سهيل من أهل النّباهة، وقد ولي الولايات، ولي دمشق مرارا وولي غيرها - وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه ضربا مبرّحا وألبسه المسوح وقيّده وحبسه، فغمّ ذلك الوليد فقال: من يثق بالناس! ومن يصنع المعروف! هذا الأحول المشؤوم قدّمه أبي على ولده وأهل بيته وولَّاه وهو يصنع بي ما ترون، ولا يعلم أنّ لي في أحد هوى إلَّا أضرّ به؛ كتب إليّ بأن أخرج عبد الصمد فأخرجته، وكتبت إليه في أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليّ فضربه وطرده وقد علم رأيي فيه؛ وعرف مكان عياض منّي وانقطاعه إليّ فضربه وحبسه، يضارّني بذلك؛ اللهمّ أجرني منه. ثم قال الوليد:

  صوت

  أنا النّذير لمسدي نعمة أبدا ... إلى المقاريف⁣(⁣٣) لمّا يخبر الدّخلا

  إن أنت أكرمتهم ألفيتهم بطروا ... وإن أهنتهم ألفيتهم ذللا

  أتشمخون ومنّا رأس نعمتكم ... ستعلمون إذا أبصرتم الدّولا

  انظر فإن أنت لم تقدر على مثل ... لهم سوى الكلب فاضربه لهم مثلا

  بينا يسمّنه للصيد صاحبه ... حتى إذا ما استوى من بعد ما هزلا

  عدا عليه فلم تضرره عدوته ... ولو أطاق له أكلا لقد أكلا

  غنّاه مالك خفيف ثقيل من رواية الهشاميّ.


(١) كذا فيء، م وهامش أ. وفي سائر الأصول: «أتى».

(٢) في س: «عليه».

(٣) المقاريف: الأنذال، والمقرف أيضا: الذي أمه عربية وأبوه غير عربي.