كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه

صفحة 12 - الجزء 7

  اسقينني ففعلن مثل ذلك. وما زال واللَّه ذلك دأبه حتى طلع الفجر، فأحصيت له سبعين قدحا.

  وأخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي مصعب عن أبي الزّناد قال:

  أجمع الزّهريّ على أن يدخل إلى بلاد الروم إن ولي الوليد بن يزيد؛ فمات الزهريّ قبل ذلك.

  عابه بعض بني مروان بالشراب فلعنهم وقال شعرا

  : قال المدائنيّ: وبلغ الوليد أنّ العباس بن الوليد وغيره من بني مروان يعيبونه بالشّراب؛ فلعنهم وقال: إنهم ليعيبون عليّ ما لو كانت لهم فيه لذّة ما تركوه، وقال هذا الشعر، وأمر عمر الوادي أن يغنّي فيه - وهو من جيّد شعره ومختاره. وفيه غناء قديم ذكره يونس لعمر الوادي غير مجنّس -:

  صوت

  ولقد قضيت - وإن تجلَّل لمّتي ... شيب - على رغم العدا لذّاتي

  من كاعبات كالدّمى ومناصف ... ومراكب للصيد والنّشوات

  في فتية تأبى الهوان وجوههم ... شمّ الأنوف جحاجح سادات

  إن يطلبوا بتراتهم يعطوا بها ... أو يطلبوا لا يدركوا بترات

  الكتابان المتبادلان بينه وبين هشام

  : حدّثني⁣(⁣١) المنهال بن عبد الملك قال: كتب الوليد إلى هشام⁣(⁣٢): «قد بلغني أحدث أمير / المؤمنين من قطع ما قطع عنّي ومحو من محا من أصحابي، وأنّه حرمني وأهلي. ولم أكن أخاف أن يبتلي اللَّه أمير المؤمنين بذلك فيّ ولا ينالني مثله / منه، ولم يبلغ استصحابي لابن سهيل ومسئلتي في أمره أن يجري عليّ ما جرى. وإن كان ابن سهيل على ما ذكره أمير المؤمنين، فبحسب العير أن يقرب من الذئب. وعلى ذلك فقد عقد اللَّه لي من العهد وكتب لي من العمر وسبّب لي من الرزق ما لا يقدر أحد دونه تبارك وتعالى على قطعه عنّي دون مدّته ولا صرفه عن مواقعه المحتومة له. فقدر اللَّه يجري على ما قدّره فيما أحبّ الناس وكرهوا، لا تعجيل لآجله ولا تأخير لعاجله؛ والناس بعد ذلك يحتسبون الأوزار ويقترفون الآثام على أنفسهم من اللَّه بما يستوجبون العقوبة عليه. وأمير المؤمنين أحقّ بالنظر في ذلك والحفظ له. واللَّه يوفّق أمير المؤمنين لطاعته، ويحسن القضاء له في الأمور بقدرته. وكتب إليه الوليد في آخر كتابه:

  أليس عظيما أن أرى كلّ وارد ... حياضك يوما صادرا بالنّوافل

  فأرجع محمود⁣(⁣٣) الرّجاء مصرّدا ... بتحلئة عن ورد تلك المناهل

  فأصبحت مما كنت آمل منكم ... وليس بلاق ما رجا كلّ آمل


(١) راجع نص هذين الكتابين في «الطبري» (قسم ٢ ص ١٧٤٦ طبع أوروبا).

(٢) كذا في أكثر النسخ. وفي ب، س: «قال بلغني» وهو تحريف.

(٣) كذا بالأصول.