1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه
  أنا المخنّت حقّا ... إن لم أنيكنّهنّه
  وقال المدائنيّ في خبر أحمد بن الحارث: وشرب الوليد يوما، فلما طابت نفسه تذكَّر هشاما، فقال لعمر الوادي غنّني:
  إنّي سمعت بليل ... ورا المصلَّى برنّه
  فغنّاه فيه، فشرب عليه ثلاثة أرطال، ثم قال: واللَّه لئن سمعه منك أحد أبدا لأقبلنّك. قال: فما سمع منه بعدها ولا عرف.
  نسبة ما في هذا الخبر من الغناء
  صوت
  طاب يومي ولذّ شرب السّلافه ... إذ أتانا نعيّ من في الرّصافه
  غنّاه عمر الوادي خفيف رمل بالبنصر.
  أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبة قال حدّثني أبو غسّان قال قال حكم الوادي:
  كنّا عند الوليد بن يزيد وهو يشرب، إذ جاءنا خصيّ فشقّ جيبه وعزّاه عن عمه هشام وهنأه بالخلافة وفي يده قضيب وخاتم وطومار(١)؛ فأمسكنا ساعة ونظرنا إليه بعين الخلافة؛ فقال: غنّوني، غنّياني: قد طاب شرب السلافه ... البيتين؛ فلم نزل نغنّيه بهما الليل كلَّه.
  سأل الرشيد عنه ابن أبي حفصة فمدحه وذكر من شعره:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدّثني مروان بن أبي حفصة قال:
  دخلت على الرشيد أمير المؤمنين فسألني عن الوليد بن يزيد فذهبت أتزحزح، فقال: إن أمير المؤمنين لا ينكر ما تقول فقل؛ قلت: كان من أصبح الناس وأظرف الناس وأشعر الناس. فقال: أتروى من شعره شيئا؟ قلت: نعم، دخلت عليه مع عمومتي وفي يده قضيب ولي جمّة(٢) فينانة فجعل يدخل القضيب في جمّتي وجعل يقول: يا غلام، ولدتك سكَّر (وهي أمّ ولد كانت لمروان بن الحكم فزوّجها أبا حفصة) قال: فسمعته يومئذ ينشد:
  ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكياله الأوفر قد أترعا(٣)
  كلنا له الصاع التي(٤) كالها ... فما ظلمناه بها أصوعا
(١) الطومار: الصحيفة.
(٢) الجمة: مجتمع شعر الرأس وهي أكثر من الوفرة، وهي أيضا ما تدلى من شعر الرأس على المنكبين.
(٣) رواية «الطبري» لهذه الأبيات (ص ١٧٥٢ ق ٢ طبع أوروبا):
ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكياله الأوفر قد طبعا
كلناه بالصاع الذي كاله ... وما ظلمناه به إصبعا
وما أتينا ذاك عن بدعة ... أحله الفرقان لي أجمعا
(٤) في الأصول: «الذي». والصاع يذكر ويؤنث. وقد آثرنا ما وضعناه لتتلاءم الضمائر.