1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه
  / فأخبرني محمد بن أبي الأزهر قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن محمد بن سلَّام وعن المدائنيّ عن جويرية بن أسماء:
  أن يزيد بن عبد الملك كان خرج إلى قرين(١) متبدّيا(٢) به، وكان هناك قصر لسعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان؛ وكانت بنته أمّ عبد الملك، واسمها سعدة، تحت الوليد بن يزيد. فمرض سعيد في ذلك الوقت، وجاءه الوليد عائدا، فدخل فلمح سلمى بنت سعيد أخت زوجته وسترها حواضنها وأختها فقامت ففرعتهن(٣) طولا، فوقعت بقلب الوليد. فلما مات أبوه طلَّق أمّ عبد الملك زوجته وخطب سلمى إلى أبيها. وكانت لها أخت يقال لها أمّ عثمان تحت هشام بن عبد الملك؛ فبعثت إلى أبيها - وقيل: بعث إليه هشام -: أتريد أن تستفحل الوليد لبناتك يطلَّق هذه وينكح هذه! فلم يزوّجه سعيد وردّه أقبح ردّ. وهويها الوليد ورام السلوّ عنها فلم يسل؛ وكان يقول:
  العجب لسعيد! خطبت إليه فردّني، ولو قد مات هشام ووليت لزوّجني! وهي طالق ثلاثا إن تزوّجتها حينئذ وإن كنت أهواها. فيقال: إنه لما طلَّق سعدة ندم على ذلك / وغمّه. وكان لها من قلبه محلّ ولم تحصل له سلمى؛ فاهتمّ لذلك وجزع. وراسل سعدة، وقد كانت زوّجت غيره فلم ينتفع بذلك.
  أرسل أشعب لزوجته بعد طلاقها فردّته:
  فأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ والحسن بن عليّ قالا حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن الجهم قال حدّثنا المدائنيّ قال:
  بعث الوليد بن يزيد إلى أشعب بعد ما طلَّق امرأته، فقال: يا أشعب، لك عندي عشرة آلاف درهم على أن تبلغ رسالتي سعدة؛ فقال: أحضر العشرة الآلاف / الدرهم حتى أنظر إليها؛ فأحضرها الوليد؛ فوضعها أشعب على عنقه وقال: هات رسالتك؛ قال: قل لها يقول لك أمير المؤمنين:
  أسعدة هل إليك لنا سبيل ... وهل حتى القيامة من تلاقي
  بلى ولعلّ دهرا أن يؤاتي ... بموت من حليلك أو طلاق
  فأصبح شامتا وتقرّ عيني ... ويجمع شملنا بعد افتراق
  فأتى أشعب الباب فأخبرت بمكانه، فأمرت لها ففرشت وجلست وأذنت له. فلما دخل أنشدها ما أمره؛ فقالت لخدمها: خذوا الفاسق! فقال: يا سيّدتي إنها بعشرة آلاف درهم. قالت: واللَّه لأقتلنك أو تبلَّغه كما بلَّغتني؛ قال: وما تهبين لي؟ قالت: بساطي الذي تحتي؛ قال: قومي عنه؛ فقامت فطواه وجعله إلى جانبه، ثم قال: هات رسالتك جعلت فداك؛ قالت: قل له:
  أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... فقد ذهبت لبنى فما أنت صانع(٤)
(١) قرين: موضع باليمامة يسمى قرين نجدة، قتل عنده نجدة الحروري.
(٢) في ب، س: «مبتدئا»، وهو تحريف.
(٣) كذا في أكثر الأصول. وفرعتهن: علتهن. وفي ب، س: «فبرعهن».
(٤) رواية البيت في «أمالي القالي» (ج ٢ ص ٣١٥ طبع دار الكتب المصرية) عند ذكره لعينية قيس هكذا:
تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت غيه وهو طائع