كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه

صفحة 22 - الجزء 7

  فأقبل أشعب فدخل على الوليد؛ فقال: فأنشده البيت؛ أوّه قتلتني يا بن الزانية! ما أنا صانع، فاختر أنت الآن ما أنت صانع⁣(⁣٩) يا بن الزانية، إمّا أن أدلَّيك / على رأسك منكَّسا في بئر أو أرمي بك منكَّسا من فوق القصر أو أضرب رأسك بعمودي هذا ضربة، هذا الذي أنا صانع، فاختر أنت الآن ما أنت صانع؛ فقال: ما كنت لتفعل شيئا من ذلك؛ قال: ولم يا بن الزانية؟ قال: لم تكن عينين نظرتا إلى سعدة. قال: أوّه! أفلتّ واللَّه بهذا يا بن الزانية! اخرج عنّي. وقال الحسن في روايته: إنها قالت له أنشده:

  أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وأنت عليها بالملا⁣(⁣١) كنت أقدر

  وفي هذه الأبيات غناء هذه نسبته:

  صوت

  أرى بيت لبنى أصبح اليوم يهجر ... وهجران لبنى يا لك الخير منكر

  فإن تكن الدنيا بلبنى تغيّرت ... فللدّهر والدنيا بطون وأظهر

  أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وأنت عليها بالحرا⁣(⁣٢) كنت أقدر

  عروضه من الطويل. والشعر لقيس بن ذريح. والغناء في الثاني والثالث للغريض ثقيل أوّل بالبنصر عن عمرو والهشاميّ.، وفيهما⁣(⁣٣) لعريب رمل بالبنصر. وفيه لشارية خفيف رمل بالوسطى عن الهشاميّ. وفي الأوّل خفيف ثقيل مجهول.

  تزيا بزي زيات ليرى سلمى وشعره في ذلك:

  قال ابن سلَّام والمدائنيّ في خبرهما: وخرج الوليد بن يزيد يريد فرتنى⁣(⁣٤) لعلَّه يراها؛ فلقيه زيّات معه حمار عليه زيت؛ فقال له: هل لك أن تأخذ فرسي هذا وتعطيني حمارك هذا بما عليه وتأخذ ثيابي وتعطيني ثيابك؟

  / ففعل الزيات ذلك. وجاء الوليد وعليه الثياب وبين يديه الحمار يسوقه متنكَّرا حتى دخل قصر سعيد، / فنادى:

  من يشتري الزيت، فاطَّلع بعض الجواري فرأينه فدخلن إلى سلمى وقلن: إن بالباب زيّاتا أشبه الناس بالوليد، فأخرجي فانظري إليه؛ فخرجت فرأته ورآها، فرجعت القهقرى وقالت: هو واللَّه الفاسق الوليد! وقد رآني! فقلن له: لا حاجة بنا إلى زيتك؛ فانصرف وقال:

  إنني أبصرت شيخا ... حسن الوجه مليح


(٤) وتتفق هذه الرواية مع الرواية صاحب الأغاني عند ذكره للبيت في ترجمة قيس (ج ٨ ص ١٣٢ طبع بولاق) وهي:

أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كات حتفه وهو طائع

ووردت كلمة «ما أنت صانع» في بيت آخر من هذه القصيدة ونصه:

فيا قلب خبرني إذا شطت النوى ... بلبنى وصدّت عنك ما أنت صانع

(١) الملا: موضع بعينه.

(٢) الحرا: جناب الرجل وما حوله، يقال: نزل بحراء وعراه إذا نزل بساحته.

(٣) كذا في أ، م. وفي سائر النسخ «وفيها».

(٤) فرتنى: قصر بمرو الروذ.