كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار حسين بن الضحاك ونسبه

صفحة 157 - الجزء 7

  قال: فاستحسنه عبد اللَّه وغنّى فيه لحنا مليحا وشربنا عليه بقيّة يومنا.

  وعده يسر بالسكر معه قبل رمضان ولم يف فقال فيه شعرا

  : أخبرني عليّ بن العباس قال حدّثني سوادة بن الفيض عن أبيه قال:

  اتفق حسين بن الضحّاك ويسر مرّة عند بعض إخوانهما وشربا وذلك في العشر الأواخر من شعبان. فقال حسين ليسر: يا سيّدي، قد هجم الصوم علينا، فتفضّل بمجلس نجتمع فيه قبل هجومه فوعده بذلك؛ فقال له: قد سكرت وأخشى / أن يبدو لك؛ فحلف له يسر أنّه يفي. فلما كان من الغد كتب إليه حسين وسأله الوفاء، فجحد الوعد وأنكره. فكتب إليه يقول:

  تجاسرت على الغدر ... كعاداتك في الهجر

  فأخلفت وما استخلف ... ت من إخوانك الزّهر

  لئن خست⁣(⁣١) لما ذل ... ك من فعلك بالنّكر

  وما أقتعني فعل ... ك يا مختلق العذر

  بنفسي أنت إن سؤت ... فلا بدّ من الصبر

  وإن جرّعني الغيظ ... وإن خشّن بالصدر⁣(⁣٢)

  ولولا فرقي منك ... لسمّيتك في الشعر

  وعنّفتك لا آلو ... وإن جزت مدى العذر⁣(⁣٣)

  أما تخرج من إخلا ... ف ميعادك في العشر

  غدا يفطمنا الصوم ... عن الرّاح إلى الفطر

  قال: فسألت الحسين بن الضحاك عمّا أثّر له هذا الشعر وما كان الجواب؛ فقال: كان أحسن جواب وأجمل فعل، كان اجتماعنا قبل الصوم في بستان لمولاه، وتمّمنا سرورنا وقضينا أوطارنا إلى الليل، وقلت في ذلك:

  سقى اللَّه بطن الدّير من مستوى السّفح ... إلى ملتقى النّهرين فالأثل⁣(⁣٤) فالطَّلح⁣(⁣٥)

  ملاعب قدن القلب قسرا إلى الهوى ... ويسّرن ما أمّلت من درك النّجح

  / أتنسى فلا أنسى عتابك بينها ... حبيبك حتى انقاد عفوا إلى الصلح

  سمحت لمن أهوى بصفو مودّتي ... ولكنّ من أهواه صيغ على الشّحّ


(١) كذا في أ، ء، م. وخاس فلان بوعده: أخلف. وفي سائر الأصول: «خنت».

(٢) خشن بالصدر: أوغر به.

(٣) كذا في. وفي سائر الأصول: «الغدر» وهو تصحيف.

(٤) الأثل: شجر كالطرفاء إلا أنه أعظم منها وأجود عودا، تتخذ منه الأقداح الصفر الجياد والقصاع والجفان، ورقه هدب طوال دقاق، ولا شوك له، وثمرته حمراء.

(٥) الطلح: أعظم العضاه شوكا له عود صلب وصمغ جيد، وشوكه أحجن طويل، منبته في بطون الأودية.