كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

9 - أخبار السيد الحميري

صفحة 172 - الجزء 7

  مدح الأصمعي شعره وذم مذهبه

  : أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد الثّماليّ قال حدّثني التّوّزيّ قال قال لي الأصمعيّ:

  أحبّ أن تأتيني بشيء من شعر هذا الحميريّ فعل اللَّه به وفعل؛ فأتيته بشيء منه؛ فقرأه فقال: قاتله اللَّه! ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشعراء! واللَّه لولا ما في شعره من سبّ السّلف لما تقدّمه من طبقته أحد.

  مدح أبو عبيدة شعره وكان يرويه

  : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال:

  أتيت أبا عبيدة معمر بن المثنّى يوما وعنده رجل من بني هاشم يقرأ عليه كتابا؛ فلما رآني أطبقه. فقال له أبو عبيدة: إن أبا زيد ليس ممّن يحتشم منه، فأقرأ. فأخذ الكتاب وجعل يقرؤه، فإذا هو شعر السيّد. فجعل أبو عبيدة يعجب منه ويستحسنه. قال أبو زيد: وكان أبو عبيدة يرويه. قال: وسمعت محمد / بن أبي بكر المقدّميّ يقول:

  سمعت جعفر⁣(⁣١) بن سليمان الضّبعي ينشد شعر السيّد.

  أخبرني ابن دريد قال: سئل أبو عبيدة من أشعر المولَّدين؟ قال: السيّد وبشّار.

  كثرة شعره وعدم الإحاطة به

  : وقال الموصليّ حدّثني عمّي قال:

  جمعت للسيّد في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة؛ فخلت أن قد استوعبت شعره، حتى جلس إليّ يوما رجل ذو أطمار رثّة، فسمعني أنشد شيئا من شعره، / فأنشدني له ثلاث قصائد لم تكن عندي. فقلت في نفسي: لو كان هذا يعلم ما عندي كلَّه ثم أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجيبا، فكيف وهو لا يعلم وإنما أنشد ما حضره! وعرفت حينئذ أن شعره ليس ممّا يدرك ولا يمكن جمعه كله.

  رأي بشار فيه

  : أخبرني عمّي قال حدّثني الكرانيّ عن ابن عائشة قال:

  وقف السيّد على بشّار وهو ينشد الشعر؛ فأقبل عليه وقال:

  أيّها المادح العباد ليعظى ... إنّ اللَّه ما بأيدي العباد

  فاسأل اللَّه ما طلبت إليهم ... وارج نفع المنزّل العوّاد

  لا تقل في الجواد ما ليس فيه ... وتسمّي البخيل باسم الجواد

  قال بشّار: من هذا؟ فعرّفه؛ فقال: لولا أن هذا الرجل قد شغل عنّا بمدح بني هاشم لشغلنا، ولو شاركنا في مذهبنا لأتعبنا. وروي في هذا الخبر أنّ عمران بن حطَّان الشّاري⁣(⁣٢) خاطب الفرزدق بهذه المخاطبة وأجابه بهذا الجواب.


(١) يكني أبا سليمان النصري، كان ينزل في بني ضبيعة فنسب إليهم. وهو حسن الحديث معروف بالتشيع. (انظر «تهذيب التهذيب» ج ١ ص ٩٦).

(٢) الشاري: أحد الشراة وهم طائفة من الخوارج يزعمون أنهم شروا أنفسهم وابتاعوا آخرتهم بدنياهم. قال أحدهم وهو معدان الإيادي: