كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

9 - أخبار السيد الحميري

صفحة 175 - الجزء 7

  لو خيّر المنبر فرسانه ... ما اختار إلَّا منكم فارسا

  قد ساسها قبلكم ساسة ... لم يتركوا رطبا ولا يابسا

  ولست من أن تملكوها إلى ... مهبط عيسى فيكم آيسا

  فسّر أبو العباس بذلك، وقال له: أحسنت يا إسماعيل! سلني حاجتك؛ قال: تولَّي سليمان بن حبيب الأهواز، ففعل.

  أنشد لجعفر بن محمد شعرا فبكى

  : وذكر التّميميّ - وهو علي بن إسماعيل - عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد إذ استأذن آذنه للسيّد، فأمره بإيصاله، وأقعد حرمه خلف ستر. ودخل فسلَّم وجلس. فاستنشده فأنشده قوله:

  أمرر على جدث الحسي ... ن فقل لأعظمه الزكيّه

  أأعظما لا زلت من ... وطفاء⁣(⁣١) ساكبة رويّه

  وإذا مررت بقبره ... فأطل به وقف المطيّه

  / وابك المطهّر ... للمطهّر والمطهّرة النّقيّه

  كبكاء معولة أتت ... يوما لواحدها المنيّه

  قال: فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدّر على خدّيه، وارتفع الصّراخ والبكاء من داره، / حتى أمره بالإمساك فأمسك. قال: فحدّثت أبي بذلك لمّا انصرفت؛ فقال لي: ويلي على الكيسانيّ الفاعل ابن الفاعل! يقول:

  فإذا مررت بقبره ... فأطل به وقف المطيّه

  فقلت: يا أبت، وما ذا يصنع؟ قال: أو لا ينحر! أو لا يقتل نفسه! فثكلته أمّه!.

  يحاكم إليه رجلان من بني دارم في أفضل الناس بعد النبيّ

  : حدّثني أبو جعفر الأعرج - وهو ابن بنت الفضيل⁣(⁣٢) بن بشّار - عن إسماعيل بن الساحر راوية السيّد - وهو الذي يقول فيه السيّد في بعض قصائده:

  وإسماعيل يبرز من فلان ... ويزعم أنّه للنّار صالي⁣(⁣٣)

  قال: تلاحى رجلان من بني عبد اللَّه بن دارم في المفاضلة بعد رسول اللَّه وآله؛ فرضيا بحكم أوّل من يطلع. فطلع السيّد، فقاما إليه وهما لا يعرفانه، فقال له مفضّل عليّ بن أبي طالب ¥ منهما: إني وهذا اختلفنا في خير الناس بعد رسول اللَّه ، فقلت: عليّ بن أبي طالب. فقطع السيّد كلامه ثم قال:


(١) وطفاء: بينة الوطف. والوطف في السحاب: أن يكون في وجهه كالحمل الثقيل، أو هو استرخاء في جوانبه لكثرة مائه.

(٢) انظر الحاشية رقم ٥ ص ٢٣١ من هذا الجزء.

(٣) لعله يريد أن إسماعيل هذا ينحدر من أب حقير مجهول ويزعم أنه كريم يوقد النيران للقرى كعادة العرب المعروفة.