كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه

صفحة 188 - الجزء 1

  صوت

  من رسولي إلى الثريا فإنّي⁣(⁣١) ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

  سلبتني مجّاجة⁣(⁣٢) المسك عقلي ... فسلوها ماذا أحلّ اغتصابي

  وهي مكنونة تحيّر منها ... في أديم الخدّين ماء الشباب

  أبرزوها مثل المهاة تهادى⁣(⁣٣) ... بين خمس كواعب أتراب

  ثم قالوا تحبّها قلت بهرا ... عدد القطر والحصى والتراب

  الغناء لابن⁣(⁣٤) عائشة خفيف ثقيل أوّل بالبنصر عن عمرو، وذكر حبش أنه لمالك.

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني مؤمن بن عمر بن أفلح مولى فاطمة بنت الوليد قال أخبرني بلال مولى ابن أبي عتيق قال: أنشد ابن أبي عتيق قول عمر:

  من رسولي إلى الثريّا فإني ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

  / فقال ابن أبي عتيق: إيّاي أراد وبي نوّه! لا جرم واللَّه لا أذوق أكلا⁣(⁣٥) حتى أشخص⁣(⁣٦) فأصلح بينهما، ونهض ونهضت معه، فجاء إلى قوم من بني الدّيل بن بكر لم تكن تفارقهم نجائب لهم فره⁣(⁣٧) يكرونها⁣(⁣٨)، فاكترى منهم راحلتين وأغلى⁣(⁣٩) لهم. فقلت له: / استوضعهم أو دعني أماكسهم، فقد اشتطَّوا⁣(⁣١٠) عليك.

  فقال: ويحك! أما علمت أنّ المكاس ليس من أخلاق الكرام! ثم ركب إحدهما وركبت الأخرى، فسار سيرا شديدا، فقلت: أبق على نفسك، فإنّ ما تريد ليس يفوتك. فقال: ويحك!

  أبادر حبل الودّ أن يتقضّبا⁣(⁣١١)

  وما حلاوة الدنيا إن تمّ الصّدع⁣(⁣١٢) بين عمر والثريّا! فقدمنا ليلا غير محرمين، فدقّ على عمر بابه، فخرج إليه وسلَّم عليه ولم ينزل عن راحلته، فقال له: اركب أصلح بينك وبين الثريّا، فأنا رسولك الذي سألت عنه. فركب معنا وقدمنا الطائف، وقد كان عمر أرضى أمّ نوفل فكانت تطلب له الحيل لإصلاحها فلا يمكنها. فقال ابن أبي عتيق


(١) في «ديوانه»: «بأني».

(٢) مجاجة المسك، يريد بذلك وصفها بطيب ريقها وبأنه كالمسك.

(٣) تهادى، يريد يهدي بعضها بعضا في مشيتها («الكامل» للمبرد طبع ليپزج ص ٣٧٩).

(٤) في ح، ر: «لابن سريج».

(٥) في ر: «أكالا». والأكل بالضم وبضمتين والأكال كسحاب: ما يؤكل.

(٦) أشخص: أذهب. والشخوص: السير من بلد إلى بلد.

(٧) في ت: «فرهة». والفره والفرهة بالضم، والفرّه والفرهة بضم الفاء وتشديد الراء، من جموع فاره. والفاره من الدواب: النشيط الحادّ القوي.

(٨) يكرونها: يؤجرونها.

(٩) أغلى لهم: بذل لهم أجرا غاليا.

(١٠) أي أسألهم أن يحطوا عنك بعض هذا الأجر، أودعني أشاحهم فقد جاوزوا القدر.

(١١) يتقضب: يتقطع.

(١٢) أصل معنى الصدع الشق في الشيء الصلب كالزجاجة والحائط وغيرهما. والمراد به هنا التفرّق.