كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

9 - أخبار السيد الحميري

صفحة 186 - الجزء 7

  ودخل سوّار؛ فلما رآه المنصور تبسّم وقال: أما بلغك خبر إياس⁣(⁣١) بن معاوية حيث قبل شهادة الفرزدق واستزاد في الشهود! فما أحوجك للتعريض للسيد ولسانه! ثم أمر السيّد بمصالحته.

  مدح المنصور لما ولى ابنيه العهد

  : وقال إسحاق بن محمد النّخعيّ حدّثني عبد اللَّه بن محمد الجعفريّ قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه الحميريّ قال:

  دخل السيّد علي المهديّ لمّا بايع لابنيه موسى وهارون، فأنشأ يقول:

  ما بال مجرى دمعك الساجم ... أمن قذى بات بها لازم

  أم من هوّى أنت له ساهر ... صبابة من قلبك الهائم

  / آليت لا أمدح ذا نائل ... من معشر غير بني هاشم

  أولتهم عندي يد المصطفى ... ذي الفضل والمنّ أبي القاسم

  فإنها بيضاء محمودة ... جزاؤها الشّكر على العالم

  جزاؤها حفظ أبي جعفر ... خليفة الرحمن والقائم

  وطاعة المهديّ ثم ابنه ... موسى علي ذي الإربة الحازم

  وللرشيد الرّابع المرتضى ... مفترض من حقّه الَّلازم

  ملكهم خمسون معدودة ... برغم أنف الحاسد الرّاغم

  ليس علينا ما بقوا غيرهم ... في هذه الأمّة من حاكم

  حتى يردّوها إلى هابط ... عليه عيسى منهم ناجم

  كان يأتي الأعمش فيكتب عنه فضائل عليّ بن أبي طالب

  : / وقال عليّ بن المغيرة حدّثني عليّ بن عبد اللَّه بن السّدوسيّ عن المدائنيّ قال:

  كان السيّد يأتي الأعمش⁣(⁣٢) فيكتب عنه فضائل عليّ ¥ ويخرج من عنده ويقول في تلك المعاني


(١) هو إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري. كان مشهورا بالذكاء النادر، والفراسة الصادقة، معدودا من العقلاء الفضلاء الدهاة. ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء البصرة، وكان فقيها عفيفا فطنا. توفي سنة ١٢٢ هأما سماعه شهادة الفرزدق وقبولها فقد كان خوفا من هجوه. وخبر هذه الشهادة ساقه المؤلف في «الأغاني» (ج ١٩ ص ٥٠ طبع بولاق) عن بعض شيوخ الأصمعيّ قال:

شهد الفرزدق عند إياس بن معاوية فقال: أجزنا شهادة الفرزدق أبي فراس وزيدونا شهودا، فقام الفرزدق فرحا. فقيل له: إنه واللَّه ما أجاز شهادتك؛ قال: بلى، قد سمعته يقول: قد قبلنا شهادة أبي فراس. قالوا: أفما سمعته يستزيد شاهدا آخر! فقال: وما يمنعه ألا يقبل شهادتي وقد قذفت ألف محصنة.

(٢) هو سليمان بن مهران مولى بني كاهل الكوفي الإمام، كان ثقة عالما فاضلا. قال أبو معاوية الضرير: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش: اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ عليّ. فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة فلا كتبها وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك. فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلي إن لم آته بجوابك، ويحمل عليه بإخوانه. فكتب: «. أما بعد، يا أمير المؤمنين فلو كانت لعثمان ¥ مناقب أهل الأرض ما نفعتك. ولو كانت لعلي ¥ مساوئ أهل الأرض ما ضرتك. فعليك بخويصة نفسك». توفي سنة ١٤٨ هـ (انظر «وفيات الأعيان» ج ١ ص ٣٠١ طبع بولاق).