9 - أخبار السيد الحميري
  شعرا. فخرج ذات يوم من عند بعض أمراء الكوفة وقد حمله على فرس وخلع عليه؛ فوقف بالكناسة(١) ثم قال:
  يا معشر الكوفيّين، من جاءني منكم بفضيلة لعليّ بن أبي طالب لم أقل فيها شعرا أعطيته فرسي هذا وما عليّ.
  فجعلوا يحدّثونه وينشدهم؛ حتى أتاه رجل منهم وقال:
  سمع عن عليّ قصة فنظمها
  : إن أمير المؤمنين / عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه عزم على الركوب؛ فلبس ثيابه وأراد لبس الخفّ فلبس أحد خفّيه، ثم أهوى إلى الآخر ليأخذه فانقضّ عقاب من السماء فحلَّق به ثم ألقاه فسقط منه أسود(٢) وانساب فدخل جحرا؛ فلبس عليّ ¥ الخفّ. قال: ولم يكن قال في ذلك شيئا؛ ففكَّر هنيهة ثم قال:
  ألا يا قوم للعجب العجاب ... لخفّ أبي الحسين وللحباب(٣)
  أتى خفّا له وانساب فيه ... لينهش رجله منه بناب
  فخرّ من السماء له عقاب ... من العقبان أو شبه العقاب
  فطار به فحلَّق ثم أهوى ... به للأرض من دون السّحاب
  إلى جحر له فانساب فيه ... بعيد القعر لم يرتج بباب
  كريه الوجه أسود ذو بصيص ... حديد النّاب أزرق ذو لعاب
  ودوفع عن أبي حسن عليّ ... نقيع سمامه بعد انسياب
  ثم حرّك فرسه ومضى وجعل تشبيبها بعد ذلك:
  صبوت إلى سليمى والرّباب ... وما لأخي المشيب وللتّصابي
  أخبرني أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد قال حدّثني عبد اللَّه بن أحمد بن مستورد قال:
  وقف السيّد يوما بالكوفة، فقال: من أتاني بفضيلة لعليّ بن أبي طالب ما قلت فيها شعرا فله دينار، وذكر باقي الحديث. فأما العقاب الذي(٤) انقضّ على خفّ عليّ بن أبي طالب ¥ فحدّثني بخبره أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد الهمدانيّ قال / حدّثني جعفر بن علي بن نجيح قال حدّثنا أبو عبد الرحمن المسعوديّ عن أبي داود الطَّهويّ عن أبي الزّعل المراديّ(٥) قال:
  قام عليّ بن أبي طالب ¥ فتطهّر للصلاة، ثم نزع خفّه فانساب فيه أفعى، فلما عاد ليلبسه انقضّت عقاب فأخذته فحلَّقت به ثم ألقته فخرج الأفعى منه. وقد روي مثل هذا لرسول اللَّه ﷺ.
  حدّثني به أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد قال حدّثني محمد بن عبيد بن عقبة قال حدّثنا محمد بن الصّلت
(١) الكناسة: محلة بالكوفة.
(٢) الأسود: العظيم من الحيات.
(٣) الحباب: الحية.
(٤) العقاب: يذكر ويؤنث.
(٥) كذا في «شرح القاموس» مادة «زعل» وفي الأصول: «عن أبي الزغل» بالغين المعجمة وهو تصحيف.