كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه

صفحة 191 - الجزء 1

  أفرخ⁣(⁣١) روعك! هذا كتابها بالرضا عنك إليك.

  تغنّي ابن عائشة بشعر عمر في مجلس حسن بن حسن بن عليّ

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أيّوب بن عباية قال:

  اجتمع ابن عائشة ويونس ومالك⁣(⁣٢) عند حسن بن حسن بن عليّ $ فقال الحسن لابن عائشة:

  غنّني «من رسولي إلى الثريا ...»؛ فسكت عنه فلم يجبه. فقال له جليس له: أيقول لك غنّني فلا تجيبه! فسكت.

  فقال له الحسن: مالك؟ ويحك! أبك خبال⁣(⁣٣)! كان واللَّه ابن أبي عتيق أجود منك بما عنده؛ فإنّه لمّا سمع هذا الشعر قال لابن أبي ربيعة: أنا رسولك إليها، فمضى نحو الثريّا حتى أدّى رسالته، وأنت معنا في المجلس تبخل أن تغنّيه⁣(⁣٤) لنا! فقال له: لم أذهب حيث ظننت، إنما كنت أتخيّر لك أيّ الصوتين أغنّي: أقوله:

  من رسولي إلى الثريّا فإنّي ... ضافني الهمّ واعترتني الهموم

  يعلم اللَّه أنّني مستهام ... بهواكم وأنّني مرحوم

  / أم قوله:

  من رسولي إلى الثريّا فإنّي ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

  فقال له الحسن: أسأنا بك الظَّنّ أبا جعفر، غنّ بهما جميعا، فغنّاهما. فقال له الحسن: لولا أنّك تغضب إذا قلنا لك: أحسنت، لقلت لك: أحسنت واللَّه! قال: ولم يزل يردّدهما بقيّة يومه.

  عمر وابن أبي عتيق وإنشاده شعره في الثريا

  / أخبرنا الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني يعقوب بن إسحاق الرّبعيّ عن أبيه قال:

  أنشد عمر بن أبي ربيعة ابن أبي عتيق قوله:


(١) أفرخ روعك: سكَّن جائشك وأمن. ويقال: ليفرخ روعك، أي ليذهب عنك رعبك وفزعك؛ فإن الأمر ليس على ما تحاذر. وهو مثل، وأصله لمعاوية كتب به إلى زياد. وذلك أنه كان على البصرة، وكان المغيرة بن شعبة على الكوفة فتوفى بها، فخاف زياد أن يولَّى معاوية عبد اللَّه بن عامر مكانه، فكتب إلى معاوية يخبره بوفاة المغيرة ويشير عليه بتولية الضحاك بن قيس مكانه؛ ففطن له معاوية وكتب إليه: قد فهمت كتابك فأفرخ روعك أبا المغيرة، وقد ضممنا إليك الكوفة مع البصرة. ويقال: ليفرخ فؤادك؛ قال الشاعر:

وقل للفؤاد إن نزا بك نزوة ... من الروع أفرخ أكثر الروع باطله

قال الأزهريّ: كل من لقيته من اللغويين يقول: أفرخ روعه، بفتح الراء، إلا ما أخبرني به المنذريّ عن أبي الهيثم أنه كان يقول: إنما هو أفرخ روعه بضم الراء. قال: ومعناه خرج الرّوع من قلبه ... والروع بالضم وهو القلب موضع الروع بالفتح؛ فالرّوع في الرّوع كالفرخ في البيضة؛ فكما يقال: أفرخت البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها، يقال: أفرخ فؤاد الرجل إذا خرج روعه منه؛ قال ذو الرمة وقد قلبه لوضوح المعنى:

جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب

قال الأزهريّ: والذي قاله أبو الهيثم بيّن غير أني أستوحش منه لانفراده بقوله. وقد استدرك الخلف على السلف أشياء ربما زلوا فيها، فلا تنكر إصابة أبي الهيثم كان له حظ من العلم موفر |.

(٢) في ح، ر: «وخالد».

(٣) كذا في ت، ح، ر. وفي سائر النسخ: «إنك بخيل».

(٤) في ح، ر: «بأن»؛ وكلاهما صحيح.