3 - ذكر خبر عمر بن أبي ربيعة ونسبه
  لم تر العين للثريّا شبيها ... بمسيل التّلاع(١) يوم التقينا
  فلما بلغ إلى قوله:
  ثم قالت لأختها قد ظلمنا ... إن رددناه(٢) خائبا واعتدينا
  قال: أحسنت والهدايا(٣) وأجادت. ثم أنشده ابن أبي عتيق متمثّلا قول الشاعر:
  أريني(٤) جوادا مات هزلا لعلَّني ... أرى ما ترين أو بخيلا مخلَّدا
  فلمّا بلغ عمر إلى قوله في الشعر:
  في خلاء من الأنيس وأمن
  / قال ابن أبي عتيق: أمكنت للشّارب(٥) الغدر «من عال بعدها فلا انجبر»(٦).
  فلمّا بلغ إلى قوله:
  فمكثنا كذاك عشرا تباعا ... في قضاء لديننا واقتضينا(٧)
  قال: أما واللَّه ما قضيتها ذهبا ولا فضة ولا اقتضيتها إيّاه، فلا عرّفكما اللَّه قبيحا! فلمّا بلغ إلى قوله:
  كان ذا في مسيرنا إذ حججنا ... علم اللَّه فيه ما قد نوينا
(١) التلاع: جمع تلعة وهي مجرى الماء من أعلى الوادي إلى بطون الأرض.
(٢) في «ديوانه»: «رجعناه».
(٣) في ب، س: «ردّ الهدايا» وهو تحريف؛ إذ أن الواو هنا للقسم. والهدايا: جمع هدية وهي ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر.
(٤) كذا فيء، س، أ، م.
وفي سائر النسخ: «أروني جوادا ... ما ترون». والبيت لحاتم الطائي يخاطب امرأته.
(٥) في ت: «أمكنت الشاب العذر». وفي أ، م، ء: «أمكنت للشارب العذر». وورد في سائر النسخ هو وما بعده بيت شعر هكذا:
أمكنت السائب الغرر ... من عال بعدها فلا انجبر
وكل ذلك تحريف. والصواب:
مكنت للشارب الغدر
وهو مأخوذ من قول عمر بن أبي ربيعة في قصيدته التي أوّلها:
يا خليلي هاجني ذكر ... وحمول الحيّ إذ صدروا
ومنها:
سلكوا خلّ الصّفاح لهم ... زجل أحداجهم زمر
قال حاديهم لهم أصلا ... أمكنت للشارب الغدر
والغدر: جمع غدير وهو القطعة من الماء يغادرها السيل أي يتركها. قال ابن سيده: هذا قول أبي عبيد، فهو إذن فعيل في معنى مفعول على اطراح الزائد. وقد قيل: إنه من الغدر لأنه يخون ورّاده فينضب عنهم، ويغدر بأهله فينقطع عند شدة الحاجة إليه. يريد أن يقول له: قد أمكنتك الفرص فانتهزها وأنت مستكنّ وإياها في خلاء من الناس وفي مأمن منهم.
(٦) هذا مثل أورده الميداني «ولسان العرب»: «من عال بعدها فلا اجتبر». يقال: جبرته فجبر وانجبر، أي استغنى. وعال: افتقر. وهو من قول عمرو بن كلثوم:
من عال منّا بعدها فلا اجتبر ... ولا سقى الماء ولا رعى الشجر
وفي «اللسان» مادة جبر:
ولا سقى الماء ولا راء الشجر
يضرب في اغتنام الفرصة عند الإمكان.
(٧) في «ديوانه»:
فقضينا ديوننا واقتضينا