جميل
  بين علياء وابش فبليّ ... فالغميم الذي إلى جبله(١)
  واقفا في ديار أمّ جسير(٢) ... من ضحى يومه إلى أصله
  يا خليليّ إن أمّ جسير(٣) ... حين يدنو الضجيع من غللَّه
  روضة ذات حنوة وخزامى ... جاد فيها الربيع من سبله(٤)
  بينما هنّ بالأراك معا ... إذ بدا راكب على جمله
  فتأطَّرن ثم قلن لها ... أكرميه حيّيت في نزله(٥)
  فظللنا بنعمة واتّكأنا(٦) ... وشربنا الحلال من قلله
  / قد أصون الحديث دون خليل(٧) ... لا أخاف الأذاة من قبله
  غير ما بغضة ولا لآجتناب ... غير أنّي ألحت من وجله(٨)
  وخليل صاقبت(٩) مرتضيا(١٠) ... وخليل فارقت من مللَّه
  قال: فأنشده إياها حتى فرغ منها ثم اقتاد راحلته مولَّيا. فقال ابن الأزهر: هذا أشعر أهل الإسلام. فقال ابن حسّان:
  نعم واللَّه وأشعر أهل الجاهليّة، واللَّه ما لأحد منهم مثل هجائه ولا نسيبه. فقال عبد الرحمن بن الأزهر: صدقت.
  قال نصيب: وأنشدت الوليد فقال لي: أنت أشعر أهل جلدتك، واللَّه ما زاد عليها. فقلت: يا أبا محجن، أفرضيت منه بأن تكون أشعر السّودان؟ قال: وددت واللَّه يا بن أخي أنه أعطاني أكثر من هذا، ولكنه لم يفعل، ولست بكاذبك.
  كان صادق الصبابة وكان كثير يتقول
  : أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلَّام قال:
  كان لكثيّر في النّسيب حظَّ وافر وجميل مقدّم عليه وعلى أصحاب النسيب في النسيب؛ وكان كثيّر راوية
والثمام: نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص. والعارمات: القوية الشديدة. والمدب: مجرى السيل. والأسل: نبات له أغصان كثيرة، واحده أسلة.
(١) كذا في ح و «معجم ما استعجم» و «شرح شواهد المغني». ووابش: واد أو جبل بين وادي القرى والشام. وفي سائر الأصول: «رائس».
وبلى: تل قصير أسفل حاذة بينها وبين ذات عرق. والغميم: موضع بالحجاز.
(٢) كذا في ح. وأم جسير: أخت بثينة صاحبة جميل. وفي سائر الأصول: «أم حسين» وهو تحريف.
(٣) قال في «خزانة الأدب». والغلل داء. وقال العيني: هو الماء بين الأشجار. وفي «اللسان» أن من معاني الغلل العطش وحرارته.
(٤) الحنوة: نبات سهلي طيب الريح. والسبل: المطر.
(٥) التأطر: التثني. والنزل (بضمتين): ما يهيأ للضيف أن ينزل عليه.
(٦) اتكأنا: قال ابن قتيبة: معناه طعمنا وأكلنا، من قوله تعالى: {وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أي طعاما أو مجلس طعام؛ فإنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب تترفا، ولذلك نهى عنه.
(٧) في «خزانة الأدب» للبغدادي و «شرح شواهد المغني»: «دون أخ».
(٨) في «شرح شواهد المغني» و «خزانة الأدب»:
غير بغض له ولا ملق ... غير أني أشحت من وجله
(٩) كذا في ح. وصاقبته: قاربته. وفي سائر الأصول: «صافيت».
(١٠) كذا في «شرح شواهد المغني». وفي الأصول: «مرتقبا».