كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميل

صفحة 319 - الجزء 8

  ألا أسبّ القوم إذ سبّوني ... بلى وما مرّ على دفين⁣(⁣١)

  وسابحات بلوي الحجون⁣(⁣٢) ... قد جرّبوني ثم جرّبوني

  حتى إذا شابوا وشيّبوني ... أخزاهم اللَّه ولا يخزيني

  أشباه أعيار على معين⁣(⁣٣) ... أحسن حسّ أسد حرون

  فهنّ يضرطن من اليقين ... أنا جميل فتعرّفوني

  / وما تقنّعت فتنكروني ... وما أعيّنكم لتسألوني

  أنمى إلى عاديّة طحون ... ينشقّ عنها السّيل ذو الشؤون

  غمر يدقّ رجح⁣(⁣٤) السّفين ... ذو حدب⁣(⁣٥) إذا يرى حجون ... تنحلّ أحقاد الرجال دوني

  قال: ورجز جميل أيضا:

  أنا جميل في السّنام من معدّ

  وقد تقدّمت هذه الأرجوزة. ثم رجز بعده جوّاس فلم يصنع شيئا. قال: فما رأيت غلبة مثلها قطَّ.

  هجا خوّاتا العذريّ وبني الأحب

  : أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا بهلول بن سليمان عن العلاء بن سعيد البلويّ وجماعة غيره من قومه:

  أنّ رجلا من بني عذرة كان يقال له خوّات، أمّه بلويّة، وكان شاعرا، وكان جميل ابن جذاميّة. فخرج جميل إلى أخواله بجذام وهو يقول:

  جذام سيوف اللَّه في كلّ موطن ... إذا أزمت يوم اللَّقاء أزام⁣(⁣٦)

  هم منعوا ما بين مصر فذي القرى ... إلى الشأم من حلّ به وحرام

  بضرب يزيل الهام عن سكناته⁣(⁣٧) ... وطعن كإيزاغ المخاض تؤام

  / إذا قصرت يوما أكفّ قبيلة ... عن المجد نالته أكفّ جذام

  فأعطوه مائة بكرة. قال: وخرج خوّات إلى أخواله من بليّ وهو يقول:

  إنّ بليّا غرّة يهتدى بها ... كما يهتدي الساري بمطَّلع النجم

  هم ولدوا أمّي وكنت ابن أختهم ... ولم أتخوّل⁣(⁣٨) جذم قوم بلا علم


(١) دفين: موضع.

(٢) الحجون: جبل بأعلى مكة.

(٣) الأعيار: الحمر. والمعين: الماء العذب الغزير.

(٤) الرجح من السفن: الثقيلة الموقرة.

(٥) حدب السيل: ارتفاعه. وحجون: بعيد.

(٦) أزام: شدّة، وهو مبني على الكسر.

(٧) السكنة (بفتح فكسر): مقر الرأس من العنق.

(٨) تخوّل: اتخذ خالا. وفي الأصول: «أتحوّل» بالحاء المهملة، وهو تصحيف. والجذم: الأصل.