جميل
  ألا أسبّ القوم إذ سبّوني ... بلى وما مرّ على دفين(١)
  وسابحات بلوي الحجون(٢) ... قد جرّبوني ثم جرّبوني
  حتى إذا شابوا وشيّبوني ... أخزاهم اللَّه ولا يخزيني
  أشباه أعيار على معين(٣) ... أحسن حسّ أسد حرون
  فهنّ يضرطن من اليقين ... أنا جميل فتعرّفوني
  / وما تقنّعت فتنكروني ... وما أعيّنكم لتسألوني
  أنمى إلى عاديّة طحون ... ينشقّ عنها السّيل ذو الشؤون
  غمر يدقّ رجح(٤) السّفين ... ذو حدب(٥) إذا يرى حجون ... تنحلّ أحقاد الرجال دوني
  قال: ورجز جميل أيضا:
  أنا جميل في السّنام من معدّ
  وقد تقدّمت هذه الأرجوزة. ثم رجز بعده جوّاس فلم يصنع شيئا. قال: فما رأيت غلبة مثلها قطَّ.
  هجا خوّاتا العذريّ وبني الأحب
  : أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا بهلول بن سليمان عن العلاء بن سعيد البلويّ وجماعة غيره من قومه:
  أنّ رجلا من بني عذرة كان يقال له خوّات، أمّه بلويّة، وكان شاعرا، وكان جميل ابن جذاميّة. فخرج جميل إلى أخواله بجذام وهو يقول:
  جذام سيوف اللَّه في كلّ موطن ... إذا أزمت يوم اللَّقاء أزام(٦)
  هم منعوا ما بين مصر فذي القرى ... إلى الشأم من حلّ به وحرام
  بضرب يزيل الهام عن سكناته(٧) ... وطعن كإيزاغ المخاض تؤام
  / إذا قصرت يوما أكفّ قبيلة ... عن المجد نالته أكفّ جذام
  فأعطوه مائة بكرة. قال: وخرج خوّات إلى أخواله من بليّ وهو يقول:
  إنّ بليّا غرّة يهتدى بها ... كما يهتدي الساري بمطَّلع النجم
  هم ولدوا أمّي وكنت ابن أختهم ... ولم أتخوّل(٨) جذم قوم بلا علم
(١) دفين: موضع.
(٢) الحجون: جبل بأعلى مكة.
(٣) الأعيار: الحمر. والمعين: الماء العذب الغزير.
(٤) الرجح من السفن: الثقيلة الموقرة.
(٥) حدب السيل: ارتفاعه. وحجون: بعيد.
(٦) أزام: شدّة، وهو مبني على الكسر.
(٧) السكنة (بفتح فكسر): مقر الرأس من العنق.
(٨) تخوّل: اتخذ خالا. وفي الأصول: «أتحوّل» بالحاء المهملة، وهو تصحيف. والجذم: الأصل.