جميل
  / قال: فأعطوه مائة غرّة ما بين فرس إلى وليدة؛ ففخر على صاحبه، وذكر أن الغرّة الواحدة ممّا أتى به ممّا معه تعدل كلّ شيء أتى به جميل. فقال عبيد اللَّه بن قطبة:
  ستقضي بيننا حكماء سعد ... أقطبة كان خيرا أم صباح
  قال: وكان عبد اللَّه بن معمر أبو جميل يلقّب صباحا. وكان عبيد اللَّه بن قطبة يلقّب حماظا(١). فقال النّخار العذريّ أحد بني الحارث بن سعد: قطبة(٢) كان خيرا من صباح. فقال جميل يهجو بني الأحبّ رهط قطبة ويهجو النّخّار:
  إنّ أحبّ سفّل(٣) أشرار ... حثالة عودهم خوّار
  أذلّ قوم حين يدعى الجار ... كما أذلّ الحارث النّخّار
  وقال الأبيرق العتبي(٤): قطبة كان خيرا من صباح. فقال جميل:
  يا بن الأبيرق وطب بتّ(٥) مسنده ... إلى وسادك من حمّ الذّرى جون
  وأكلتان إذا ما شئت مرتفقا ... بالسير من نغل الدفين مدهون(٦)
  أذكر(٧) وأمّك منّي حين تنكبني(٨) ... جنّي فيغلب جنّي كلّ مجنون
  / وقال جماعة من شعراء سعد في تفضيل قطبة على صباح أقوالا أجابهم عنها جميل فأفحمهم؛ حتى قال له جعفر بن سراقة أحد بني قرّة:
  نحن منعنا ذا القرى من عدوّنا ... وعذرة إذ نلقى يهودا ويعشرا(٩)
  منعناه من عليا معدّ وأنتم ... سفاسيف روح بين قرح(١٠) وخيبرا
  فريقان رهبان بأسفل ذي القرى ... وبالشأم عرّافون فيمن تنصّرا
  فلمّا بلغت جميلا اتّقاه وعلم أنه سيعلو عليه؛ فقال جميل:
  بنى عامر أنّى انتجعتم وكنتم ... إذا حصّل الأقوام كالخصية الفرد
  فأنتم ولأيّ موضع الذّلّ حجرة ... وقرّة أولى بالعلاء وبالمجد
(١) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «حلماطا». وليس لدينا ما يرجح إحدى الروايتين.
(٢) في الأصول ... الحارث بن سعد بن قطبة ... إلخ» وهو تحريف.
(٣) كذا في أكثر الأصول، والسفل: جمع سافل وهو الدنيء، ويقال لأسافل الناس وغوغائهم: سفلة (بفتح فكسر) وسفلة (بكسر فسكون) والعامة تقول رجل سفلة (بفتح فكسر) من قوم سفل (بفتح فكسر) قال ابن الأثير وليس بعربيّ. وفي ح: «قزم أشرار» والقزم (بفتحين أو بضمتين): اللئام.
(٤) في ب، س: «القيني».
(٥) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «أنت مسنده».
(٦) لم نهتد إلى وجه الصواب في هذا البيت وقد أثبتنا صورته كما وردت في الأصول، فهو هكذا في ب، س. وفي ح هكذا: «من نعل الدي فين». وفي م، أ، ء هكذا: «من بغل الذي فين».
(٧) في ب، س، ح: «أزكى وأمك ...». وهو تحريف.
(٨) في م، أ، ء: «تنكثني».
(٩) كذا في أكثر الأصول. وفي ب، س: «وبعثرا». ولم نهتد إلى وجه الصواب فيه.
(١٠) السفساف: التراب الدقيق. والروح: الريح. وقرح: سوق وادي القرى وقصبتها.