كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميل

صفحة 329 - الجزء 8

  وهل هكذا يلقى المحبّون مثل ما ... لقيت بها أم لم يجد أحد وجدي

  وقال جميل فيها:

  خليليّ عوجا اليوم حتى تسلَّما ... على عذبة الأنياب طيّبة النّشر

  ألمّا بها ثم اشفعا لي وسلَّما ... عليها سقاها اللَّه من سائغ القطر

  وبوحا بذكرى عند بثنة وانظرا ... أترتاح يوما أم تهشّ إلى ذكرى

  فإن لم تكن تقطع قوى الودّ بيننا ... ولم تنس ما أسلفت في سالف الدهر

  / فسوف⁣(⁣١) يرى منها اشتياق ولوعة ... ببين وغرب من مدامعها يجري

  وإن تك قد حالت عن العهد بعدنا ... وأصغت إلى قول المؤنّب والمزري

  فسوف يرى منها صدود ولم تكن ... بنفسي من أهل الخيانة والغدر

  أعوذ بك اللَّهمّ أن تشحط النّوى ... ببثنة في أدنى حياتي ولا حشري

  وجاور إذا ما متّ بيني وبينها ... فيا حبّذا موتي إذا جاورت قبري

  عدمتك من حبّ أما منك راحة ... وما بك عنّي من توان ولا فتر

  ألا أيّها الحبّ المبرّح هل ترى ... أخا كلف يغري بحبّ كما أغري

  أجدّك لا تبلى وقد بلى الهوى ... ولا ينتهي حبيّ بثينة للزجر

  أغري أجدّك لا تبلى وقد بلي الهوى ... ولا ينتهي حبّي بثيّنة للزّجر

  صوت

  هي البدر حسنا والنساء كواكب ... وشتّان ما بين الكواكب والبدر

  لقد فضّلت حسنا على الناس مثلما ... على ألف شهر فضّلت ليلة القدر

  غنّت شارية في هذين البيتين خفيف رمل من رواية ابن المعتزّ.

  تهاجرا مدّة ثم اصطلحا

  : أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرنا إسحاق بن محمد بن أبان قال حدّثني الرّحال بن سعد المازنيّ قال: وقع بين جميل وبثينة هجر في غيرة كان غارها عليها من فتى كان يتحدّث إليها من بني عمها، فكان جميل يتحدّث إلى غيرها، فيشقّ ذلك على بثينة وعلى جميل، وجعل كلّ واحد منهما يكره أن يبدي لصاحبه شأنه. فدخل جميل يوما وقد غلبه الأمر إلى البيت الذي كان يجتمع فيه مع بثينة. فلما رأته بثينة جاءت إلى البيت ولم تبرز له؛ فجزع لذلك جميل؛ وجعل كلّ واحد منهما يطالع صاحبه؛ وقد بلغ الأمر من جميل كلّ مبلغ، / فأنشأ يقول:

  /

  لقد خفت أن يغتالني الموت عنوة ... وفي النفس حاجات إليك كما هيا

  وإني لتثنيني الحفيظة كلَّما ... لقيتك يوما أن أبثّك مابيا


(١) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «فكيف».