كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يزيد بن الطئرية

صفحة 338 - الجزء 8

  ألا حبّذا عيناك يا أمّ شنبل ... إذا الكحل في جفنيهما جال جائله

  فداك من الخلَّان كلّ ممزّج⁣(⁣١) ... تكون لأدنى من يلاقي وسائله⁣(⁣٢)

  فرحنا⁣(⁣٣) تلقّانا به أمّ شنبل ... ضحيّا وأبكتنا عشيّا أصائله

  وكنت كأنّي حين كان كلامها ... وداعا وخلَّى موثق العهد حامله

  رهين⁣(⁣٤) بنفس لم تفكّ كبوله ... عن الساق حتى جرد السيف قاتله

  فقال دعوني سجدتين وأرعدت ... حذار الرّدى أحشاؤه ومفاصله⁣(⁣٥)

  بنو سدرة ويزيد ابن الطثرية

  : / قال إسحاق وقال أبو عثمان سعيد بن طارق:

  نزلت سارية⁣(⁣٦) من بني سدرة على بني قشير بمالهم؛ فجعلت فتيان قشير تترجّل وتتزيّن وتزور بيوت سدرة.

  فاستنهوهم⁣(⁣٧)؛ فقال يزيد بن / الطَّثريّة: وما في هذا عليكم! زوروا بيوتنا كما نزور بيوتكم، وقال:

  دعوهنّ يتبعن الصّبا وتبادلوا ... بنا ليس بأس بيننا بالتّبادل

  ثم إنّ بني سدرة قالوا لنسائهم: ويحكنّ فضحتنّنا! نأتي نساء هؤلاء فلا نقدر عليهنّ ويأتونكنّ فلا تحتجبن عنهم.

  فقالت كهلة منهنّ: مروا نساءكم يجتمعن إلى بيتي، فإذا جاؤوا لم يجدوا امرأة إلا عندي، فإن يزيد أتاني لم يعد في بيوتكم ففعلوا. فجاء يزيد فقال:

  سلام عليكنّ الغداة فمالنا ... إليكنّ إلا أن تشأن سبيل

  فقالت الكهلة: ومن أنت؟ فقال:

  أنا الهائم الصّبّ الذي قاده الهوى ... إليك فأمسى في حبالك مسلما

  برته دواعي الحبّ حتى تركنه ... سقيما ولم يتركن لحما ولا دما

  فقالت: اختر إحدى ثلاث خصال: إمّا أن تمضي ثم ترجع علينا فإنّا نرقب عيون الرجال فإنهم قد سبّونا فيك؛ وإمّا أن تختار أحبّنا إليك، وأن تطلب امرأة واحدة خير من أن يشهرك الناس، ونسي الثالثة. فقال: سآخذ إحداهن، فاختاري أنت إحدى ثلاث خصال. قالت: وما هنّ؟ قال: إما أن أحملك على مرضوف⁣(⁣٨) من أمري فتركبيه، وإما


(١) الممزج: المخلط الكذاب، والذي لا يثبت على خلق.

(٢) في ح: «رسائله» بالراء.

(٣) في ب، س: «فرحبا».

(٤) في ب، س: «رهينا» وهو تحريف.

(٥) في ج: «وخصائله». والخصيلة: كل لحمة استطالت وخالطت عصبا، أو كل عصبة فيها لحم غليظ.

(٦) السارية: الجماعة تسري.

(٧) استنهاه: قال له انته. وقد وردت هذه الكلمة في الأصول محرفة.

(٨) المرضوف: المحمي. من رضف الحجارة إذا أحماها؛ والكناية فيه ظاهرة.