كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يزيد بن الطئرية

صفحة 340 - الجزء 8

  دعوهن يتبعن الهوى وتبادلوا ... بنا، ليس بأس بيننا بالتّبادل

  تروا حين نأتيهنّ نحن وأنتم ... لمن وعلى من وطأة المتثاقل

  ومن عرّيت للَّهو قدما ركابه ... وشاعت قوافي شعره في القبائل

  تبرّز وجوه السابقين ويختلط ... على المقرف⁣(⁣١) الكافي غبار القنابل

  فإن تمنعوا أسماء أو يك نفعها ... لكم أو تدبّوا بيننا بالغوائل

  فلن⁣(⁣٢) تمنعوني أن أعلَّل صحبتي ... على كل شيء⁣(⁣٣) من مدى العين قابل⁣(⁣٤)

  حبسه لديون لزمته وما وقع في ذلك بينه وبين عقبة بن شريك

  : قال إسحاق وحدّثني أبو زياد الكلابيّ:

  أن يزيد بن الطَّثرية كان شريفا متلافا يغشاه الدّين؛ فإذا أخذ به قضاه عنه أخ له يقال له ثور، ثم إنه كثر عليه دين لمولى لعقبة بن شريك الحرشيّ يقال له البربريّ فحبسه له عقبة بالعقيق من بلاد بني عقيل، وعقبة عليها يومئذ أمير. وقال المفضّل بن سلمة قال أبو عمرو الشّيبانيّ: كان يزيد قد هرب منه، فرجع إليه من حبّ / أسماء، وكانت جارة البربريّ، فأخذه البربريّ. ويقال: إنه أعطاه بعيرا من إبل ثور أخيه. فقال يزيد في السجن:

  قضى غرمائي حبّ أسماء بعد ما ... تخوّنني ظلم لهم⁣(⁣٥) وفجور

  فلو قلّ دين البربريّ قضيته ... ولكنّ دين البربريّ كثير

  وكنت إذا حلَّت عليّ ديونهم ... أضمّ جناحي منهم فأطير

  عليّ لهم في كل شهر أديّة⁣(⁣٦) ... ثمانون واف نقدها وجزور

  نجيء⁣(⁣٧) إلى ثور ففيم رحيلنا ... وثور علينا في الحياة صبور

  أشدّ على ثور وثور إذا رأى ... بناخلَّة جزل العطاء غفور

  فذلك دأبي ما بقيت وما مشى ... لثور على ظهر البلاد بعير

  ويروى: «فهذا له ما دمت حيّا» ثم إن عقبة حجّ على جمل له يقال له ابن الكميت أنجب ما ركب الناس، وثبت ابن


(١) المقرف: النذل. والكافي: الخادم والقنابل: جمع قنبلة وهي الطائفة من الناس أو الخيل.

(٢) في الأصول: «فإن تمنعوا». والمراد في هذا البيت غامض.

(٣) في ب، س: «على كل شر».

(٤) في أ، ء، م: «قاتل».

(٥) كذا في «الكامل للمبرد» (ص ٣٣٤ طبع أوروبا) وبه يستقيم رويّ القافية. قال في «أساس البلاغة»: وتخوّن فلان حقي إذا تنقصه كأنه خانه شيئا فشيئا. وكل ما غيرك عن حالك فقد تخوّنك. قال لبيد:

تخوّنها نزولي وارتحالي وفي الأصول: تجردت من مطل لهم وغرور.

(٦) الأدية في اللغة: المال القليل.

(٧) في ب، س: «نحنّ».