كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يزيد بن الطئرية

صفحة 342 - الجزء 8

  بكرت نوار تجدّ⁣(⁣١) باقية القوى ... يوم الفراق وتخلف الموعودا

  ولربّ أمر هوى يكون ندامة ... وسبيل مكرهة يكون رشيدا

  ثم قال يفخر:

  لا أتّقي حسك⁣(⁣٢) الضّغائن بالرّقى ... فعل الذّليل وإن بقيت وحيدا

  لكن أجرّد للضغائن مثلها ... حتى تموت وللحقود حقودا

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن عمرو بن أبي سعد قال حدّثنا عليّ بن الصّباح قال:

  قال أبو محضة الأعرابيّ وأنشد هذه الأبيات ليزيد بن الطَّثرية: هي واللَّه من مغنج الكلام:

  بنفسي من لو مرّ برد بنانه ... على كبدي كانت شفاء أنامله

  ومن هابني في كلّ شيء وهبته ... فلا هو يعطيني ولا أنا سائله

  وهذه الأبيات من قصيدته التي قالها في وحشيّة الجرميّة التي مضى ذكرها.

  تبعه أعداء له فترك راحلته وفرّ، وشعره في ذلك

  : أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثتني ظبية قالت:

  مرّ يزيد بن الطَّثريّة بأعداء له؛ فأرادوه وهو على راحلته فركضها وركضوا الإبل على أثره؛ فخشي أن يدركوه وكانت⁣(⁣٣) نفسه عنده أوثق من الراحلة، فنزل فسبقهم عدوا، وأدركوا الراحلة فعقروها. فقال في ذلك:

  /

  ألا هل أتى ليلى على نأي دارها ... بأن لم أقاتل يوم صخر⁣(⁣٤) مذوّدا

  وأنّي أسلمت الرّكاب فعقّرت ... وقد كنت مقداما بسيفي مفردا

  / أثرت فلم أسطع قتالا ولا ترى ... أخا شيعة يوما كآخر أوحدا⁣(⁣٥)

  فهل تصرمنّ الغانيات مودّتي ... إذا قيل قد هاب المنون فعرّدا⁣(⁣٦)

  هاجى فديكا الجرميّ لأنه عذب وحشية بالنار ليصدّها عنه

  : أخبرني يحيى إجازة عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن أبي زياد قال:

  كان يزيد بن الطَّثريّة يتحدّث إلى نساء فديك بن حنظلة الجرميّ، ومنزلهما بالفلج⁣(⁣٧) فبلغ ذلك فديكا فشقّ عليه فزجر نساءه عن ذلك، فأبين إلَّا أن يدخل عليهنّ يزيد. فدخل عليهنّ فديك ذات يوم وقد جمعهنّ جميعا


(١) تجدّ: تقطع.

(٢) المراد بحسك الضغائن: الحقد والعداوة.

(٣) المراد من هذه الجملة واضح وهو أن ثقته بنفسه في الجري أكثر من ثقته براحلته، وكان ينبغي لتأدية هذا المعنى أن يقول: «وكان بنفسه أوثق منه بالراحلة».

(٤) كذا في أكثر الأصول: وفي ح «يوم صحرا مذودا». وفي ب، س: «يوم صحراء مذودا». ومذوّدا: ذائدا.

(٥) هذا البيت ساقط في جميع الأصول عدا ب، س.

(٦) عرّد: هرب.

(٧) الفلج (بالتحريك): مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير.