يزيد بن الطئرية
  هول شديد، فأرسل في عقيل يستمدّها؛ فأتته ربيعة بن عقيل وقشير بن كعب والحريش بن كعب وأفناء خفاجة، وجاش(١) إليه الناس؛ فقال: إني قد أرسلت طليعة فانتظروها حتى تجيء ونعلم ما تشير(٢) به. قال أبو الجرّاح:
  فأصبح صبح ثالثة على فرس له يهتف: أعزّ اللَّه نصركم وأمتعنا بكم! انصرفوا راشدين فلم يكن بأس؛ فانصرف الناس؛ وصار في بني عمّه ورهطه دنية. وإنما فعل ذلك لتكون له السّمعة والذّكر. فكان فيمن سار معه القحيف بن خمير(٣) ويزيد بن الطَّثريّة الشاعران؛ فساروا حتى واجهوا القوم، فواقعوهم، فقتلوا المندلف، رموه في عينه، وسبوا وأسروا ومثّلوا بهم وقطعوا أيدي اثنين منهم وأرسلوهما إلى اليمامة وصنعوا(٤) ما أرادوا. ولم يقتل ممن كان مع أبي لطيفة غير يزيد بن الطَّثريّة، نشب ثوبه في جذل(٥) من عشرة فانقلب، وخبطه القوم فقتل. فقال القحيف يرثيه:
  ألا نبكي سراة بني قشير ... على صنديدها وعلى فتاها
  فإن يقتل يزيد فقد قتلنا ... سراتهم الكهول على لحاها
  / أبا المكشوح بعدك من يحامي ... ومن يزجي المطيّ على وجاها
  / وقال القحيف أيضا يرثيه:
  إن تقتلوا منّا شهيدا صابرا ... فقد تركنا منكم مجازرا
  عشرين لمّا يدخلوا المقابرا ... قتلى أصيبت قعصا(٦) نحائرا
  نعجا(٧) ترى أرجلها شواغرا وهذه من رواية ابن حبيب وحده. وقال القحيف أيضا ولم يروها إلا ابن حبيب:
  يا عين بكَّي هملا على همل ... على يزيد ويزيد بن حمل
  قتّال أبطال وجرّار حلل قال: ويزيد بن حمل قشيريّ قتل يومئذ أيضا. وقالت زينب بنت الطَّثريّة ترثي أخاها يزيد - وعن أبي عمرو الشّيبانيّ أنّ الأبيات لأمّ يزيد، قال: وهي من الأزد. ويقال: إنها لوحشيّة الجرميّة: -
  أرى الأثل من بطن العقيق مجاوري ... مقيما وقد غالت يزيد غوائله
(١) جاش إليه الناس: ساروا إليه ليلا.
(٢) كانت العبارة في الأصل «ما تشير».
(٣) كذا في «شرح القاموس» (مادة قحف) وفي ب، س: «القحيف بن حمير». بالحاء المهملة، وهو تصحيف. وفي سائر الأصول «المحنف بن حمير» وهو تحريف.
(٤) كذا في «تجريد الأغاني». وفي الأصول: «وتصنعوا ما أرادوا» وهو تحريف.
(٥) الجذل: أصل الشجرة. والعشرة: شجرة من العضاه وهي من كبار الشجر ذات صمغ حلو وورق عريض.
(٦) القعص (بالفتح وبالتحريك): القتل المعجل والموت الوحيّ، يقال: مات فلان قعصا إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه.
(٧) كذا في أكثر الأصول ولعله: «نعجى» جمع نعج كزمن وزمني. ونعج الرجل ربا وانتفخ، وذلك ملحوظ في الميت بجلاء. وفي ب، س: «نفجا» بالفاء. وشواغر: مرفوعات.