كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميلة

صفحة 355 - الجزء 8

  رضينا، وهي أمّ جندب. فأجمع رأيهم على الاجتماع في منزل جميلة من غد. فلما حضروا قال ابن عائشة: ما ترى يا أبا عبّاد؟ قال: أرى أن يبتدئ أصحابنا أو أحدهم. قال ابن سريج: بل أنتما أولى. قالا: لم نكن لنفعل. فأقبل ابن سريج على سعيد بن مسجح فسأله أن يبتدئ فأبى. فأجمع رأي المكيّين على أن يبتدئ ابن سريج. فغنّى ابن سريج:

  صوت

  ذهبت من الهجران في غير مذهب ... ولم يك حقّا كلّ هذا التجنّب

  خليليّ مرّا بي على أمّ جندب ... أقضّ⁣(⁣١) لبانات الفؤاد المعذّب

  فإنّكما إن تنظراني ساعة ... من الدّهر تنفعني لدى أمّ جندب

  ألم ترياني كلَّما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب

  - الشعر لامرئ⁣(⁣٢) القيس. ولابن سريج فيه لحنان ثاني ثقيل بالسّبابة في مجرى الوسطى، وخفيف رمل بالسّبابة في مجرى الوسطى جميعا عن إسحاق - وغنّى معبد:

  صوت

  فللَّه عينا من رأى من تفرّق ... أشتّ وأنأى من فراق المحصّب⁣(⁣٣)

  علون بأنطاكيّة فوق عقمة ... كجرمة نخل أو كجنّة يثرب⁣(⁣٤)

  / فريقان منهم سالك بطن نخلة ... وآخر منهم جازع نجد كبكب⁣(⁣٥)

  فعيناك غربا جدول في مفاضة ... كمرّ خليج في سنيح مثقّب⁣(⁣٦)

  وغنّى ابن مسجح:


(١) في الأصول هنا: «أقضى». وفي «شرح ديوانه»: لنقضى حاجات.

(٢) يلاحظ أن البيت الأول من هذه الأبيات من شعر علقمة الفحل وهو مطلع قصيدة له.

(٣) المحصب: موضع رمي الجمار بمكَّة.

(٤) علون: يعني الظعائن. وإنما يريد الإبل التي تحمل الظعائن، يعني علون بالخدور التي فيها ثياب أنطاكية أي علمت بأنطاكية.

والعقمة: ضرب من الوشى. والجرمة: ما جرم من البسر. شبه ما على الإبل من الألوان بالبسر الأحمر والأصفر. والجنة:

البستان. يريد نخل المدينة.

(٥) بطن نخلة: موضع على ليلة من مكة. والجازع: القاطع، يقال: جزعت الوادي أي قطعته. وكبكب هو الجبل الأحمر الذي يجعله خلف ظهرك إذا وقفت مع الإمام بعرفة.

(٦) كذا في «ديوان امرئ القيس» (نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم ١٥ أدب ش). وفي الأصول: «مصوب» وهو تحريف. والغرب: الدلو الضخمة. والمفاضة هاهنا: الأرض الواسعة. والخليج: الخيط الذي يتناثر منه اللؤلؤ. والسنيح: اللؤلؤ.

شبه ما يسيل من عينيه بالغربين، وما يسيل من الغربين باللؤلؤ المتناثر. (عن شرح الديوان).