جميلة
  صوت
  وقالت فإن يبخل عليك ويعتلل ... يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب(١)
  وإنّك لم يفخر عليك كفاخر(٢) ... ضعيف ولم يغلبك مثل مغلَّب
  وإنك لم تقطع لبانة عاشق ... بمثل بكور أو رواح مؤوّب(٣)
  / بأدماء حرجوج كأنّ قتودها ... على أبلق الكشحين ليس بمغرب(٤)
  يغرّد بالأسحار في كلّ سدفة ... تغرّد ميّاح النّدامى المطرّب(٥)
  وغنّى ابن عائشة:
  صوت
  وقد أغتدي والطير في وكناتها ... وماء النّدى يجري على كل مذنب(٦)
  / بمنجرد قيد الأوابد لاحه ... طراد الهوادي كلّ شأو مغرّب(٧)
  إذا ما جرى شأوين وابتلّ عطفه ... تقول هزيز الرّيح مرّت بأثأب(٨)
  له أيطلا(٩) ظبي وساقا نعامة ... وصهوة عير قائم فوق مرقب
  / وغنّى ابن محرز:
(١) كل الشعر الماضي، ما عدا البيت الأوّل كما تقدّم، من قصيدة امرئ القيس. وقد اختلف في هذا البيت أهو من قصيدة امرئ القيس أم من قصيدة علقمة. (راجع كتاب «المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية» للإمام العيني فقد فصل الكلام في ذلك).
وتدرب: من الدربة وهي التجربة. ومعنى البيت أنه إن بخل عليك بالوصال واعتل ساءك ذلك، وإن وصلت وكشف غرامك كان ذلك عادة لك ودربة. وإنما يريد أنها كانت لا تقطع وصاله كل القطع فيحمله ذلك على اليأس والسلو، ولا تصله كل الوصل فيتعود ذلك ويستكثر منه حتى يدعوه إلى الملل. (عن شواهد العيني). وفي الأصول: «تذرب» بالذال المعجمة وهو تصحيف.
(٢) في ب، س: «كعاجز». والمغلب (بصيغة المفعول): الذي من عادته أن يغلب.
(٣) المؤوب: المردّد المتكرر. ويصح أن يكون بالكسر باعتبار أن صاحبه يؤوب فيه أي يرده مع الليل بعد سير النهار كله. وهذا البيت من شعر علقمة.
(٤) الأدماء: الناقة البيضاء. والحرجوج: الجسيمة الطويلة على وجه الأرض. والقتود: جمع قتد وهو أداة الرحل. وأبلق الكشحين:
أبيض الخاصرتين. والإغراب: بياض الأشفار والوجه، فالمغرب: الذي تتسع غرته حتى تأخذ عينيه وأشفاره. وقيل: الإغراب:
بياض الأرفاغ مما يلي الخاصرة. أو المغرب الذي كل شيء منه أبيض وهو أقبح البياض. أي ليس بلقه بإغراب. يريد: كأن قتود هذه الناقة على حمار وحشي موصوف بما ذكره بهذا البيت وما بعده لشدّة نشاطها. وفي الشطر الأوّل رواية أخرى أشار إليها شارح «الديوان» وهي: «بمجفرة حرف ... إلخ». والمجفرة: المنتفخة. والحرف: الضامرة.
(٥) يغرد: يطرّب. وسدفة: طائفة من الليل، ومياح: وصف من ماح في مشيته يميح ميحا وميحوحة إذا تبختر. والندامى: الفتيان الذين يتنادمون، الواحد ندمان ونديم. يصف الحمار بأنه يرفع بالأسحار صوته كأنه يطرّب نفسه.
(٦) المذنب: مسيل الماء إلى الروضة.
(٧) المنجرد: القصير الشعر. والأوابد: الوحش. ولاحه: غيره وأهزله وأضناه. والطراد: المطاردة. والهوادي: السوابق المتقدّمات.
والشأو: الطلق وهو جري مرة إلى الغاية. والمغرّب: البعيد المدى.
(٨) عطفه: ناحيته. وهزيز الريح: صوتها. والأثأب: شجر للريح في أضعاف أغصانه حفيف عظيم وشدّة صوت.
(٩) الأيطل: الخاصرة. والصهوة: الظهر. والعير: حمار الوحش. وليس في الدواب أحسن موضع لبد من حمار الوحش. وإنما قال:
«قائم» لأنه إذا قام تمدد وإذا عدا اضطرب. والمرقب: المكان المرتفع من الأرض.