كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميلة

صفحة 357 - الجزء 8

  صوت

  فللسّوط ألهوب وللساق درّة ... وللزّجر منه وقع أخرج مهذب⁣(⁣١)

  فأدرك لم يجهد ولم يبل شدّه ... يمرّ كخذروف الوليد المثقّب⁣(⁣٢)

  تذبّ به طورا وطورا تمرّه ... كذبّ البشير بالرّداء المهذّب⁣(⁣٣)

  إذا ما ضربت الدّفّ أو صلت صولة ... ترقّب منّي غير أدنى ترقّب⁣(⁣٤)

  وغنّى الغريض:

  صوت

  أخائفة لا يلعن الحيّ شخصه ... صبورا على العلَّات غير مسبّب⁣(⁣٥)

  رأينا شياها يرتعين خميلة ... كمشي العذارى في الملاء المجوّب⁣(⁣٦)

  / وما أنت أم ما ذكرها ربعيّة ... تحلّ بإير أو بأكناف شربب⁣(⁣٧)

  أطعت الوشاة والمشاة بصرمها ... فقد أنهجت حبالها للتقضّب⁣(⁣٨)

  فقالت جميلة: كلَّكم محسن وكلَّكم مجيد في معناه ومذهبه. قال ابن عائشة: ليس هذا بمقنع دون التفضيل.

  فقالت: أمّا أنت يا أبا يحيى⁣(⁣٩) فتضحك الثّكلى بحسن صوتك ومشاكلته للنفوس. وأمّا أنت يا أبا عبّاد فنسيج وحدك⁣(⁣١٠) بجودة تأليفك وحسن نظمك مع عذوبة غنائك. وأمّا أنت يا أبا عثمان فلك أوّليّة هذا الأمر وفضيلته وأمّا أنت يا أبا جعفر فمع الخلفاء تصلح. وأمّا أنت يا أبا الخطَّاب فلو قدّمت أحدا على نفسي لقدّمتك. وأمّا أنت يا


(١) الإلهاب والألهوب: شدّة العدو الذي يثير اللهب وهو الغبار الساطع كالدخان المرتفع من النار. وللساق درة أي إن حرك بالساق درّ على ذلك وزاد في عدوه. والأخرج: الذكر من النعام الذي اختلف ريشه في لونه. والمهذب: الشديد العدو. أي إذا زجر أخرج منه الزجر عدوا كعدو الظليم.

(٢) يريد أنه يدرك طريدته من غير جهد ولا مشقة. والخدروف: والدوّارة التي يلعب بها الصبيان.

(٣) هذا البيت والذي بعده من شعر علقمة وهما في وصف ناقته. ويرجع الضمير في «به» إلى ذنبها الذي وصفه في البيت الذي قبل هذا البيت وهو:

كأن بحاذيها إذا ما تشذرت ... عثاكيل قنو من سميحة مرطب

وذب البشير أن يلمع للقوم بردائه إذا جاءهم بخبر خير. والمهدب: ذو الهدب. شبه خطران الناقة بذنبها بلمع البشير برداء ذي هدب.

(٤) الدف: الجنب. وترقب: تلحظ السوط بمؤخر عينها من الخوف. وغير أدنى ترقب أي ترقبا شديدا.

(٥) هذا البيت والأبيات التي بعده في «ديوان علقمة» وغير مسبب: غير مسبوب.

(٦) شياه: بقر من الوحش. والخميلة: رملة فيها شجر قد صار لها كالخمل في الثوب. والمجوّب: المصنوع له جيب.

(٧) قوله: وما أنت أم ما ذكرها: يوبخ نفسه وينكر عليها تتبع هذه المرأة مع بعد دارها. وإير: جبل لبني غطفان غربيّ جبل طيء.

وشربب: واد في ديار بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم في شمال اليمامة. والأكناف: النواحي.

(٨) أنهجت: خلقت وبليت. والتقضب: التقطع.

(٩) أبو يحيى كنيته ابن سريج، وأبو عباد كنية معبد، وأبو عثمان كنية سعيد بن مسجح، وأبو جعفر كنية ابن عائشة، وأبو الخطاب كنية ابن محرز، ومولى العبلات لقب الغريض.

(١٠) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «فنسيج وحده» وهو تحريف.