كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميلة

صفحة 385 - الجزء 8

  /

  إخالها سمعت عزفا فتحسبه ... إهابة القسر ليلا حين تنتشر⁣(⁣١)

  وقال في عليّ بن أبي طالب ¥:

  /

  من مبلغ مألكا عنّي أبا حسن ... فارتح لخصم هداك اللَّه مظلوم

  فلما أنشدت جميلة قصيدته في عمر بن الخطاب، قالت: واللَّه لأعملنّ فيها لحنا لا يسمعه أحد أبدا إلا بكى. قال إبراهيم: وصدقت؛ واللَّه ما سمعته قطَّ إلا أبكاني؛ لأني أجد حين أسمعه شيئا يضغط قلبي ويحرقه فلا أملك عيني، وما رأيت أحدا قطَّ سمعه إلا كانت هذه حاله.

  صوت من المائة المختارة

  يا دار عبلة من مشارق مأسل ... درس الشؤون وعهدها لم ينجل

  فاستبدلت عفر الظَّباء كأنما ... أبعارها في الصّيف حبّ الفلفل

  تمشي النّعام به خلاء حوله ... مشي النّصارى حول بيت الهيكل

  إحذر محلّ السّوء لا تحلل به ... وإذا نبا بك منزل فتحوّل

  الشعر، فيما ذكر يحيى بن عليّ عن إسحاق، لعنترة بن شدّاد العبسيّ. وما رأيت هذا الشعر في شيء من دواوين شعر عنترة، ولعله من رواية لم تقع إلينا؛ فذكر غير أبي أحمد أنّ الشعر لعبد قيس بن خفاف البرجميّ، إلا أنّ البيت الأخير لعنترة صحيح لا يشكّ فيه. والغناء لأبي دلف القاسم بن عيسى العجليّ، ولحنه المختار، على ما ذكره / أبو أحمد، من الثقيل الأوّل. وذكر ابن خرداذبه أنّ لحن أبي دلف خفيف ثقيل بالوسطى. وذكر إسحاق أنّ فيه لمعبد لحنا من الثقيل الأوّل المطلق في مجرى الوسطى، وأن فيه لأبي دلف لحنا ولم يجنّسه. وذكر حبش أن فيه لابن محرز ثاني ثقيل بالوسطى، وأن لابن سريج في البيت الثاني ثقيلا أوّل، وذكر ابن خرداذبه أن خفيف الثقيل لمالك، وليس ممن يعتمد على قوله. وقد ذكر يونس أيضا أن فيه غناء لمالك ولم يذكر جنسه ولا طريقته.


(١) العزف: الصوت. والإهابة: مصدر أهاب بالشيء إذا دعاه. والقسر: اسم رجل كان راعيا لابن أحمر هذا. وتنتشر: تتفرق، يقال:

انتشرت الإبل إذا تفرقت عن غرة من راعيها. وورد هذا البيت في ب، س:

إخالها شممت عرفا فتحسبه ... إهابة القصر ليلا حين تنتشر

وهو تحريف.