عنترة
  يخرجن منها وقد بلَّت رحائلها ... بالماء تركضها(١) الشّمّ الغطاريف
  قد أطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... تصفرّ كفّ أخيها وهو منزوف
  غنّى في البيت الأوّل والثاني علَّوية، ولحنه من الثقيل الأوّل مطلق في مجرى البنصر، وقيل: إنه لإبراهيم. وفيهما رمل بالوسطى يقال: إن لابن سريج، وهو من منحول ابن المكيّ.
  قوله «مذروف»: من ذرفت عينه، يقال: ذرفت تذرف ذريفا وذرفا، وهو قطر يكاد يتصل. وقوله: «لو أنّ ذا منك قيل اليوم معروف». أي قد أنكرت هذا الحنوّ والإشفاق منك، لأنه لو كان معروفا قبل ذلك لم ينكره.
  «ساجي العين». ساكنها. والساجي: الساكن من كل شيء. «مطروف»: أصابت عينه طرفة، وإذا كان كذلك فهو أسكن لعينه. «تجللتني»: ألقت نفسها عليّ. و «أهوى»: اعتمد. «صنم يعتاد» أي يؤتى مرّة بعد مرّة. و «معكوف»:
  يعكف عليه. و «السّراعيف»: السّراع، واحدتها سرعوفة. و «الطَّوالات»: الخيل. والرحائل: السروج. والشمم:
  ارتفاع في الأنف. و «الغطاريف»: الكرام والسادة أيضا. والغطرفة: ضرب من السير والمشيء يختال فيه.
  و «النجلاء»: الواسعة، / يقال: سنان منجل: واسع الطعنة: «عن عرض» أي عن شقّ وحرف. وقال غيره: أعترضه اعتراضا حين أقتله.
  سبب ادعاء أبيه إياه
  : أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثني عمّي عن ابن الكلبيّ، وأخبرني إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة قال قال ابن الكلبيّ:
  شدّاد جدّ عنترة غلب على نسبه، وهو عنترة بن عمرو بن شدّاد؛ وقد سمعت من يقول: إنما شدّادا عمّه، كان نشأ في حجره فنسب إليه دون أبيه. قال: وإنمّا ادّعاه أبوه بعد الكبر؛ وذلك لأن أمّه كانت أمة سوداء يقال لها زبيبة، وكانت العرب في الجاهليّة إذا كان للرجل منهم ولد من أمة استعبدوه. وكان لعنترة إخوة من أمّة عبيد. وكان سبب ادّعاه أبي عنترة إيّاه أنّ بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فأصابوا منهم واستاقوا إبلا، فتبعهم العبسيّون فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم وعنترة يومئذ فيهم؛ فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال عنترة: العبد لا يحسن الكرّ، إنما يحسن الحلاب والصّرّ. فقال: كرّ وأنت حرّ. فكرّ وهو يقول:
  أنا الهجين عنتره ... كلّ امرئ يحمي حره
  أسوده وأحمره ... والشّعرات [المشعره](٢)
  الواردات مشفره(٣) وقاتل يومئذ قتالا حسنا، فادّعاه أبوه بعد ذلك وألحق به نسبه.
  وحكى غير ابن الكلبيّ / أنّ السبب في هذا أنّ عبسا أغاروا على طيّئ، فأصابوا نعما، فلما أرادوا القسمة قالوا لعنترة: لا نقسم لك نصيبا مثل أنصبائنا لأنك عبد. فلما طال الخطب بينهم كرّت عليهم طيّئ؛ فاعتزلهم عنترة
(١) كذا في «ديوانه» وفي الأصول: «يقدمها».
(٢) التكملة عن الديوان. والشطر كله ساقط من ب، س.
(٣) في أكثر الأصول: «مسفرة بالسين المهملة، والتصويب عن أوكتاب» الشعر والشعراء.