عنترة
  وقال: دونكم القوم، فإنّكم / عددهم. واستنقذت طيّئ الإبل. فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال: أو يحسن العبد الكرّ! فقال له أبوه: العبد غيرك، فاعترف به، فكَّر واستنقذ النّعم. وجعل يقول:
  أنا الهجين عنتره ... كلّ امرئ يحمي حره
  الأبيات.
  قال ابن الكلبيّ: وعنترة أحد أغربة العرب، وهم ثلاثة(١): عنترة وأمّه زبيبة، وخفاف بن عمير الشّريديّ وأمّه ندبة، والسّليك بن عمير السّعديّ وأمّه السّلكة، وإليهنّ ينسبون. وفي ذلك يقول عنترة:
  إنّي امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بالمنصل
  وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظت ... ألفيت خيرا من معمّ مخول
  يقول: إنّ أبي من أكرم عبس بشطري، والشطر الآخر ينوب عن كرم أمّي فيه ضربي بالسيف، فأنا خير في قومي ممن عمّه وخاله منهم وهو لا يغني غنائي. وأحسب أنّ هذه القصيدة هي التي يضاف إليها البيتان اللذان يغنّى فيهما، وهذه الأبيات قالها في حرب داحس والغبراء(٢).
  حامى عن بني عبس حين انهزمت أمام تميم، فسبه قيس بن زهير فهجاه
  : قال أبو عمرو الشّيبانيّ: غزت بنو عبس بني تميم وعليهم قيس بن زهير، فانهزمت بنو عبس وطلبتهم بنو تميم، فوقف لهم عنترة، ولحقتهم كبكبة من الخيل، فحامى عنترة عن الناس فلم يصب مدبر(٣). وكان قيس بن زهير سيّدهم، فساءه ما صنع عنترة يومئذ، فقال حين رجع: واللَّه ما حمى الناس إلا ابن السوداء. وكان قيس أكولا.
  فبلغ عنترة ما قال؛ فقال يعرّض به قصيدته التي يقول فيها:
  صوت
  بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني ... أصبحت عن عرض الحتوف بمعزل
  فأجبتها أنّ المنيّة منهل ... لا بدّ أن أسقى بكأس المنهل
  فاقنى حياءك لا أبالك واعلمي ... أنّي امرؤ سأموت إن لم أقتل
  إنّ المنيّة لو تمثّل مثلَّت ... مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
  إني امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بالمنصل
  وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظت ... ألفيت خيرا من معمّ مخول
(١) اقتصر المؤلَّف على هذا العدد في أغربة العرب وهم الذين جاءهم السواد من قبل أمهاتهم. وذكر غيره أكثر من ذلك، فمنهم في الجاهلية عنترة بن شدّاد وخفاف بن عمير بن الحارث وقيل: إنه مخضرم، وأبو عمير بن الحباب السلميّ وسليك بن السلكة وهشام بن عقبة بن أبي معيط وهو مخضرم، ومنهم في الإسلام عبد اللَّه بن خازم وعمير بن أبي عمير بن الحباب السلميّ وهمام بن مطرف التغلبيّ ومنتشر بن وهب الباهلي ومطر بن أوفى المازنيّ وتأبط شرّا والشنفري وحاجز غير منسوب. (راجع «القاموس وشرحه مادة غرب»).
(٢) راجع عن حرب داحس والغبراء الحاشية رقم ٤ ص ٣٣ ج ٥ من هذه الطبعة.
(٣) في الأصول: «فلم يصب مدبرا».