عنترة
  والخيل تعلم والفوارس أنّني ... فرّقت جمعهم بصربة فيصل
  إذ لا أبادر في المضيق فوارسي ... أو لا(١) أوكَّل بالرّعيل الأوّل
  إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا ... أشدد وإن يلفوا بضنك(٢) أنزل
  حين النزول يكون غاية مثلنا ... ويفرّ كلّ مضلَّل مستوهل(٣)
  والخيل ساهمة الوجوه كأنما ... تسقى فوارسها نقيع الحنظل
  / ولقد أبيت على الطَّوى وأظلَّه ... حتى أنال به كريم المأكل
  / عروضه من الكامل. غنّت في الأربعة الأبيات الأول والبيت الثاني عريب خفيف رمل بالبنصر من رواية الهشاميّ وابن المعتزّ وأبي العبيس.
  «الحتوف»: ما عرض للإنسان من المكاره والمتالف. «عن عرض» أي ما يعرف منها. «بمعزل» أي في ناحية معتزلة عن ذلك. و «منهل»: مورد. وقوله: «فاقني حياءك» أي احفظيه ولا تضيّعيه. و «الضّنك» الضيق. يقول: إن المنيّة لو خلقت مثالا لكانت في مثل صورتي. و «المنصب»: الأصل. و «المنصل»: السيف، ويقال منصل أيضا بفتح الصاد. وأحجمت: كعّت(٤). و «الكتيبة»: الجماعة إذا اجتمعت ولم تنتشر(٥). و «تلاحظت»: نظرت من يقدم على العدوّ. وأصل التلاحظ النظر من القوم بعضهم إلى بعض بمؤخر العين. و «الفيصل»: الذي يفصل بين الناس.
  وقوله: «لا أبادر في المضيق فوارسي» أي لا أكون أوّل منهزم ولكني أكون حاميتهم. و «الرعيل»: القطعة من كل شيء. و «يستلحموا»: يدركوا(٦). والمستلحم: المدرك؛ وأنشد الأصمعيّ:
  نجّى علاجا وبشرا كلّ سلهبة(٧) ... واستلحم الموت أصحاب البراذين
  و «ساهمة»: ضامرة متغيّرة، قد كلح(٨) فوارسها لشدّة الحرب وهولها. وقوله: «ولقد أبيت على الطوى وأظله». قال الأصمعيّ: أبيت بالليل على الطَّوى وأظلّ بالنهار كذلك حتى أنال به كريم المأكل أي ما لا عيب فيه عليّ، ومثله / قوله: إنه ليأتي عليّ اليومان لا أذوقهما طعاما ولا شرابا أي لا أذوق فيهما. والطَّوى: خمص البطن، يقال: رجل طيّان وطاوي البطن.
  أنشد النبي ﷺ بيتا من شعره فود لو رآه
  : وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا ابن عائشة قال:
  أنشد النبيّ ﷺ قول عنترة:
(١) في الأصول: «ولا أوكل» بدون ألف الاستفهام، والتصويب عن «اللسان وشرح القاموس» (مادة رعل).
(٢) «في الديوان»: «وإن يرموا بدهم أنزل».
(٣) المستوهل: الضعيف الفزع.
(٤) كع (من بابي ضرب ونصر): جبن وضعف.
(٥) كذا في «المخصص» (ج ٦ ص ١٩٨) وفي الأصول: «ولم تنشرف» وهو تحريف.
(٦) عبارة «اللسان» (مادة «لحم»): واستلحم (مجهولا): روهق في القتال، واستلحم الرجل: إذا احتوشه العدوّ في القتال.
(٧) السلهبة: الفرس الطويل، يطلق على الذكر والأنثى.
(٨) هذا تفسير لقوله: «كأنما تسقى فوارسها نقيع الحنظل».