كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

عنترة

صفحة 389 - الجزء 8

  والخيل تعلم والفوارس أنّني ... فرّقت جمعهم بصربة فيصل

  إذ لا أبادر في المضيق فوارسي ... أو لا⁣(⁣١) أوكَّل بالرّعيل الأوّل

  إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا ... أشدد وإن يلفوا بضنك⁣(⁣٢) أنزل

  حين النزول يكون غاية مثلنا ... ويفرّ كلّ مضلَّل مستوهل⁣(⁣٣)

  والخيل ساهمة الوجوه كأنما ... تسقى فوارسها نقيع الحنظل

  / ولقد أبيت على الطَّوى وأظلَّه ... حتى أنال به كريم المأكل

  / عروضه من الكامل. غنّت في الأربعة الأبيات الأول والبيت الثاني عريب خفيف رمل بالبنصر من رواية الهشاميّ وابن المعتزّ وأبي العبيس.

  «الحتوف»: ما عرض للإنسان من المكاره والمتالف. «عن عرض» أي ما يعرف منها. «بمعزل» أي في ناحية معتزلة عن ذلك. و «منهل»: مورد. وقوله: «فاقني حياءك» أي احفظيه ولا تضيّعيه. و «الضّنك» الضيق. يقول: إن المنيّة لو خلقت مثالا لكانت في مثل صورتي. و «المنصب»: الأصل. و «المنصل»: السيف، ويقال منصل أيضا بفتح الصاد. وأحجمت: كعّت⁣(⁣٤). و «الكتيبة»: الجماعة إذا اجتمعت ولم تنتشر⁣(⁣٥). و «تلاحظت»: نظرت من يقدم على العدوّ. وأصل التلاحظ النظر من القوم بعضهم إلى بعض بمؤخر العين. و «الفيصل»: الذي يفصل بين الناس.

  وقوله: «لا أبادر في المضيق فوارسي» أي لا أكون أوّل منهزم ولكني أكون حاميتهم. و «الرعيل»: القطعة من كل شيء. و «يستلحموا»: يدركوا⁣(⁣٦). والمستلحم: المدرك؛ وأنشد الأصمعيّ:

  نجّى علاجا وبشرا كلّ سلهبة⁣(⁣٧) ... واستلحم الموت أصحاب البراذين

  و «ساهمة»: ضامرة متغيّرة، قد كلح⁣(⁣٨) فوارسها لشدّة الحرب وهولها. وقوله: «ولقد أبيت على الطوى وأظله». قال الأصمعيّ: أبيت بالليل على الطَّوى وأظلّ بالنهار كذلك حتى أنال به كريم المأكل أي ما لا عيب فيه عليّ، ومثله / قوله: إنه ليأتي عليّ اليومان لا أذوقهما طعاما ولا شرابا أي لا أذوق فيهما. والطَّوى: خمص البطن، يقال: رجل طيّان وطاوي البطن.

  أنشد النبي بيتا من شعره فود لو رآه

  : وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا ابن عائشة قال:

  أنشد النبيّ قول عنترة:


(١) في الأصول: «ولا أوكل» بدون ألف الاستفهام، والتصويب عن «اللسان وشرح القاموس» (مادة رعل).

(٢) «في الديوان»: «وإن يرموا بدهم أنزل».

(٣) المستوهل: الضعيف الفزع.

(٤) كع (من بابي ضرب ونصر): جبن وضعف.

(٥) كذا في «المخصص» (ج ٦ ص ١٩٨) وفي الأصول: «ولم تنشرف» وهو تحريف.

(٦) عبارة «اللسان» (مادة «لحم»): واستلحم (مجهولا): روهق في القتال، واستلحم الرجل: إذا احتوشه العدوّ في القتال.

(٧) السلهبة: الفرس الطويل، يطلق على الذكر والأنثى.

(٨) هذا تفسير لقوله: «كأنما تسقى فوارسها نقيع الحنظل».