أبو دلف
  غدت كنواة القسب(١) لا مضمحلَّة ... وناة(٢) ولا عجلى الفتور سئوم
  تواشك رجع المنكبين وترتمى ... إلى كلكل، للهاديات(٣) قدوم
  فما انخفضت حتى رأت ما يسرّها ... وفيء الضّحى قد مال فهو ذميم
  أباطح وانتصّت(٤) على حيث تستقي ... بها شرك للواردات مقيم
  سقتها سيول المدجنات فأصبحت ... علاجيم تجري مرّة وتدوم(٥)
  فلما استقت من بارد الماء وانجلى ... عن النفس منها لوحة(٦) وهموم
  دعت باسمها حين استقت فاستقلَّها ... قوادم حجن(٧) ريشهنّ مليم
  بجوز(٨) كحقّ الها جريّة زانه ... بأطراف عود الفارسيّ وشوم
  - يعني حقّ الطيب. شبّه حوصلتها به. والوشوم يعني الشّية(٩) التي في صدرها -:
  لتسقي زغبا بالتّنوفة لم يكن ... خلاف مولَّاها لهنّ حميم
  ترائك(١٠) بالأرض الفلاة ومن بدع ... بمنزلها الأولاد فهو مليم
  إذا استقبلتها الريح طمّت(١١) رفيقة ... وهنّ بمهوى كالكرات جثوم
  يراطنّ(١٢) وقصاء(١٣) القفا وحشة الشّوى ... بدعوى القطا لحن لهنّ قديم
  فبتن قريرات العيون وقد جرى ... عليهن شرب فاستقين منيم
  صبيب سقاء نيط قد بركت به ... معاودة سقي الفراخ رؤم
  وقال العجير - فيما روى ابن الكلبيّ، وقد تروى لغيره -:
  سأغلب والسماء ومن بناها ... قطاة مزاحم ومن انتحاها
(١) القسب: تمر يابس يتفتت في الفم صلب ونواه شديد قوي.
(٢) الوناة: البطيئة القيام والقعود.
(٣) الهادية: المتقدّمة، يريد أنها توالي بين جناحيها مسرعة حتى تتقدّم غيرها من السابقات.
(٤) يقال: انتصت العروس إذا جلست على المنصة لترى، هذا هو الأصل فيه. يريد أنها وقفت على الماء.
(٥) المدجنات: السحائب الدائمة المطر. والعلاجيم: جمع علجوم وهو الماء الغمر الكثير. وتدوم: تسكن.
(٦) اللوحة: العطشة.
(٧) حجن: عوج. ومليم، كذا في الأصول، ولم نهتد إلى وجه الصواب في هذه الكلمة. وظاهر أنه يريد أن ريشهن كثير متكائف.
(٨) في بعض الأصول: «تجوز». والهاجرية: المرأة الحضرية.
(٩) في أكثر الأصول: «الثقبة». وفي ج: «الثقة» وظاهر أنه تحريف عن «الشيه» وهي لون يخالف معظم لون الشيء. والمراد النمنمة التي في الصدر.
(١٠) ظاهر أنه يريد بالترائك أو ضدها اللاتي تركتهن بالفلاة: والمليم (بضم الميم): الذي يفعل ما يلام عليه.
(١١) طمت: أسرعت.
(١٢) كذا في ج: وفي سائر الأصول: «يواطئن».
(١٣) الوقصاء: القصيرة.