كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأخطل

صفحة 435 - الجزء 8

  فضله عمر بن عبد العزيز على جرير

  : وقال هارون بن الزيّات حدّثني أبو عثمان المازنيّ عن العتبيّ عن أبيه:

  أنّ سليمان بن عبد الملك سأل عمر بن عبد العزيز: أجرير أشعر أم الأخطل؟ فقال له: أعفني. قال: لا واللَّه لا أعفيك. قال: إنّ الأخطل ضيّق عليه كفره القول، وإنّ جريرا وسّع عليه إسلامه قوله؛ وقد بلغ الأخطل منه حيث رأيت. فقال له سليمان: فضّلت واللَّه الأخطل.

  أثنى عليه الفرزدق

  : قال هارون وحدّثني أبو عثمان عن الأصمعيّ عن خالد بن كلثوم قال:

  قال عبد الملك للفرزدق: من أشعر الناس في الإسلام؟ قال: كفاك بابن النّصرانيّة إذا مدح.

  مهاجاته جريرا في حضرة عبد الملك وقصة أبي سواج

  : أخبرنا أحمد وحبيب قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال:

  حدّثت أنّ الحجّاج بن يوسف أوفد وفدا إلى عبد الملك وفيهم جرير. فجلس لهم ثم أمر بالأخطل فدعي له؛ فلما دخل عليه قال له: يا أخطل، هذا سبّك - يعني جريرا - وجرير جالس - فأقبل عليه جرير فقال: أين تركت خنازير أمّك؟! قال: راعية مع أعيار أمّك⁣(⁣١)؛ وإن أتيتنا قريناك منها. فأقبل جرير على عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ رائحة الخمر لتفوح منه. قال: صدق يا أمير المؤمنين، وما اعتذاري من ذلك!.

  تعيب الخمر وهي شراب كسرى ... ويشرب قومك العجب العجيبا

  منيّ العبد عبد أبي سواج ... أحقّ من المدامة أن تعيبا

  فقال عبد الملك: دعوا هذا، وأنشدني يا جرير، فأنشده ثلاث قصائد كلَّها في الحجّاج يمدحه بها، فأحفظ عبد الملك، وقال له: يا جرير، إنّ اللَّه لم ينصر الحجّاج وإنما نصر خليفته ودينه. ثم أقبل على الأخطل فقال:

  /

  شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا

  فقال عبد الملك: هذه المزمّرة؛ واللَّه لو وضعت على زبر⁣(⁣٢) الحديد لأذابتها. ثم أمر له بخلع فخلعت عليه حتى غاب فيها، وجعل يقول: إنّ لكل قوم شاعرا، وإنّ الأخطل شاعر بني أميّة.

  فأمّا قول الأخطل:

  منيّ العبد عبد أبي سواج

  فأخبرني بخبر أبي سواج عليّ بن سليمان الأخفش ومحمد بن العبّاس اليزيديّ قالا حدّثنا أبو سعيد السّكَّريّ قال حدّثنا محمد بن حبيب وأبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى أنّ أبا سواج وهو عبّاد بن خلف الضّبّيّ


(١) في «تجريد الأغاني وطبقات ابن سلام»: «مع أعيار أبيك».

(٢) الزبرة: القطعة الضخمة من الحديد.