سائب خاثر
  نحسن إليه ونصله ونخلطه بأنفسنا! فما الذي حمله على عداوتنا! لا جرم أن بغيه صرعه. وقال المدائنيّ في خبره:
  فقال إنّ اللَّه! أو بلغ القتل إلى سائب خاثر وطبقته! ما أرى أنه بقي بالمدينة أحد. ثم قال: قبحكم اللَّه يأهل الشام! تجدهم صادفوه في حديقة أو حائط مستترا منهم فقتلوه.
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال أنبأنا عمر بن شبّة قال حدّثني قبيصة بن عمرو قال حدّثني حاتم بن قبيصة قال حدّثني ابن جعدبة قال حدّثني مويلك عن أبيه قال قال لي سائب خاثر يوم الحرّة: هل سمعت شيئا صنعته؟ فغنّاني صوتا:
  صوت
  لمن طلل بين الكراع(١) إلى القصر ... يغيّب عنا آية سبل القطر
  إلى خالدات ما تريم وهامد ... وأشعث(٢) ترسيه(٣) الوليدة بالفهر(٤)
  / قال: فسمعت عجبا معجبا، ثم ذكر أهله وولده فبكى. فقلت له: وما يمنعك منهم؟ فقال: أمّا بعد شيء سمعته ورأيته من يزيد بن معاوية فلا! ثم تقدّم حتى قتل.
  صوت من المائة المختارة
  أقفر من أهله مصيف ... فبطن(٥) نخلة فالعريف(٦)
  هل تبلغنّي ديار قومي ... مهريّة(٧) سيرها زفيف
  يا أمّ نعمان نوّلينا ... قد ينفع النائل الطَّفيف
  أعمامها الصّيد من لؤيّ ... حقّا وأخوالها ثقيف
  الشعر لأبي فرعة الكنانيّ، والغناء لجرادتي عبد اللَّه بن جدعان، ولحنه من خفيف الثقيل. وفيه في الثالث والرابع ثقيل أوّل مطلق.
(١) كراع الأرض: ناحيتها وهو أيضا ما سال من أنف الجبل أو الحرة. وكراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال.
(٢) الأشعث: الوتد.
(٣) كذا في أ، م. وأرسى الشيء: ثبته. وفي سائر الأصول «ترميه» بالميم وهو تحريف.
(٤) الفهر: حجر يملأ الكف. وقد ورد هذا البيت في «اللسان» مادة «رسا» منسوبا للأحوص.
(٥) بطن نخلة: موضع بين مكة والطائف.
(٦) ظاهر أن مصيف والعريف: اسمان لموضعين. ولم نقف عليهما في «كتب البلدان» التي بين أيدينا.
(٧) إبل مهرية: منسوبة إلى مهرة بن حيدان أبى قبيلة. وزفيف: سريع.