جرادتا عبد الله بن جدعان
  من لا يخون ولا يعقّ ... ولا تغيّره اللئام
  نجب(١) النّجيبة والنجي ... ب له الرّحالة والزّمام
  وفد على كسرى وأكل عنده الفالوذ فصنعه بمكة ودعا الناس إليه
  : أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثنا محمد بن إسحاق البغويّ قال حدّثنا الأثرم عن أبي عبيدة قال:
  كان ابن جدعان سيّدا من قريش؛ فوفد على كسرى فأكل عنده الفالوذ، فسأل عنه فقيل له: هذا الفالوذ. قال:
  وما الفالوذ؟ قالوا(٢): لباب البرّ يلبك مع عسل / النحل. قال: ابغوني غلاما يصنعه؛ فأتوه بغلام يصنعه فابتاعه ثم قدم به مكة معه، ثم أمره فصنع له الفالوذ بمكة، فوضع الموائد بالأبطح إلى باب المسجد، ثم نادى مناديه: ألا من أراد الفالوذ فليحضر فحضر الناس؛ فكان فيمن حضر أميّة بن أبي الصّلت؛ فقال فيه:
  ومالي لا أحيّيه وعندي ... مواهب يطَّلعن من النّجاد
  إليّ وإنّه للناس نهي(٣) ... ولا يعتلّ بالكلم الصّوادي(٤)
  وذكر باقي الأبيات التي مضت متقدّما.
  استشهاد سفيان بن عيينة في تفسير حديث بشعر لأمية فيه
  : حدّثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال أخبرنا يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور قال حدّثني محمد بن عمران الجرجانيّ - وليس بصاحب إسحاق الموصليّ؛ قال: وهو شيخ لقيته بجرجان - قال حدّثنا الحسين بن الحسن المروزيّ قال:
  سألت سفيان بن عيينة فقلت: يا أبا محمد، ما تفسير قول النبي ﷺ: «كان من أكثر دعاء الأنبياء قبلي لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» وإنما هو ذكر وليس فيه من الدعاء شيء؟
  فقال لي: أعرفت حديث مالك بن الحارث: يقول اللَّه جلّ ثناؤه: «إذا شغل عبدي ثناؤه عليّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين»؟ قلت: نعم! أنت حدّثتنيه عن منصور عن مالك بن الحارث. قال: فهذا تفسير ذلك، ثم قال: أما علمت ما قال أميّة بن أبي الصّلت حين خرج إلى ابن جدعان يطلب نائله وفضله. قلت: لا أدري؟ قال قال:
  /
  أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إنّ شيمتك الحياء
  إذا أثنى عليك المرء يوما ... كفاه من تعرّضه الثناء
  ثم قال سفيان: فهذا مخلوق ينسب إلى الجود فقيل له: يكفينا من مسألتك أن نثني عليك ونسكت حتى تأتي على حاجتنا، فكيف بالخالق!.
(١) النجب: السخيّ الكريم كالنجيب.
(٢) كذا في «تجريد الأغاني» وفي الأصول «قال» وهو تحريف.
(٣) النهي: الغدير، وهو أيضا كل موضع يجتمع فيه الماء.
(٤) الصوادي: العطاش. يريد أنه لا يلجأ إلى الكلم التي لا تجدي.