كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جرادتا عبد الله بن جدعان

صفحة 452 - الجزء 8

  زاره أمية في احتضاره وقال فيه شعرا

  : أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا حميد بن حميد قال حدّثني جبّار ابن جابر قال:

  دخل أميّة بن أبي الصّلت على عبد اللَّه بن جدعان وهو يجود بنفسه؛ فقال له أميّة: كيف تجدك أبا زهير؟ قال:

  إني لمدابر (أي / ذاهب). فقال أميّة:

  علم ابن جدعان بن عم ... رو أنّه يوما مدابر

  ومسافر سفرا بعي ... دا لا يؤوب به المسافر

  فقدوره بفنائه ... للضيف مترعة زواخر

  تبدو الكسور⁣(⁣١) من انضرا⁣(⁣٢) ... ج الغلي فيها والكراكر

  فكأنهنّ بما حمي ... ن وما شحنّ⁣(⁣٣) بها ضرائر

  بذّ المعاشر كلَّها ... بالفضل قد علم المعاشر

  وعلا علوّ الشمس حتّى ... ما يفاخره مفاخر

  دانت له أبناء فه ... ر من بني كعب وعامر

  أنت الجواد ابن الجوا ... د بكم ينافر من ينافر

  ترك الخمر قبل موته وذمها بشعر

  : أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد السّكَّريّ قال أخبرني أبو عبد الرحمن الغلابيّ عن الواقديّ عن ابن أبي الزّناد قال:

  ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهليّة إلَّا ترك الخمر استحياء ممّا فيها من الدّنس؛ ولقد عابها ابن جدعان قبل موته فقال:

  شربت الخمر حتى قال قومي ... ألست عن السّفاه بمستفيق

  وحتى ما أوسّد في مبيت ... أنام به سوى التّرب السّحيق

  وحتى أغلق⁣(⁣٤) الحانوت رهني ... وآنست الهوان من الصديق

  قال: وكان سبب تركه الخمر أن أميّة بن أبي الصّلت شرب معه فأصبحت عين أميّة مخضّرة يخاف عليها الذّهاب.

  فقال له: ما بال عينك؟ فسكت. فلما ألحّ عليه قال له: أنت صاحبها أصبتها البارحة. فقال: أو بلغ منّي الشّراب


(١) الكسور: جمع كسر وهو نصف العظم بما عليه من اللحم.

(٢) الانضراج: الانفراج. يريد أن القدر إذا غلت واضطرب ماؤها بان اللحم الموضوع فيها. والكركرة: كالقهقهة ويعني بها صوت الماء في غليانه.

(٣) كذا في أ، م و «شعراء النصرانية». وفي سائر الأصول: «وما شحين».

(٤) أغلق الرهن: أستحقه. والحانوت: الخمار، والحانوت أيضا: دكان الخمار.