جرادتا عبد الله بن جدعان
  زاره أمية في احتضاره وقال فيه شعرا
  : أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا حميد بن حميد قال حدّثني جبّار ابن جابر قال:
  دخل أميّة بن أبي الصّلت على عبد اللَّه بن جدعان وهو يجود بنفسه؛ فقال له أميّة: كيف تجدك أبا زهير؟ قال:
  إني لمدابر (أي / ذاهب). فقال أميّة:
  علم ابن جدعان بن عم ... رو أنّه يوما مدابر
  ومسافر سفرا بعي ... دا لا يؤوب به المسافر
  فقدوره بفنائه ... للضيف مترعة زواخر
  تبدو الكسور(١) من انضرا(٢) ... ج الغلي فيها والكراكر
  فكأنهنّ بما حمي ... ن وما شحنّ(٣) بها ضرائر
  بذّ المعاشر كلَّها ... بالفضل قد علم المعاشر
  وعلا علوّ الشمس حتّى ... ما يفاخره مفاخر
  دانت له أبناء فه ... ر من بني كعب وعامر
  أنت الجواد ابن الجوا ... د بكم ينافر من ينافر
  ترك الخمر قبل موته وذمها بشعر
  : أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد السّكَّريّ قال أخبرني أبو عبد الرحمن الغلابيّ عن الواقديّ عن ابن أبي الزّناد قال:
  ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهليّة إلَّا ترك الخمر استحياء ممّا فيها من الدّنس؛ ولقد عابها ابن جدعان قبل موته فقال:
  شربت الخمر حتى قال قومي ... ألست عن السّفاه بمستفيق
  وحتى ما أوسّد في مبيت ... أنام به سوى التّرب السّحيق
  وحتى أغلق(٤) الحانوت رهني ... وآنست الهوان من الصديق
  قال: وكان سبب تركه الخمر أن أميّة بن أبي الصّلت شرب معه فأصبحت عين أميّة مخضّرة يخاف عليها الذّهاب.
  فقال له: ما بال عينك؟ فسكت. فلما ألحّ عليه قال له: أنت صاحبها أصبتها البارحة. فقال: أو بلغ منّي الشّراب
(١) الكسور: جمع كسر وهو نصف العظم بما عليه من اللحم.
(٢) الانضراج: الانفراج. يريد أن القدر إذا غلت واضطرب ماؤها بان اللحم الموضوع فيها. والكركرة: كالقهقهة ويعني بها صوت الماء في غليانه.
(٣) كذا في أ، م و «شعراء النصرانية». وفي سائر الأصول: «وما شحين».
(٤) أغلق الرهن: أستحقه. والحانوت: الخمار، والحانوت أيضا: دكان الخمار.