كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سلامة القس

صفحة 463 - الجزء 8

  لمّا سمعت أنينه ... وبكاءه عند المغيب

  أقبلت أطلب طبّه ... والداء يعضل بالطبيب

  / الشعر لرجل من العرب كان خرج بابن له من الحجاز إلى الشأم بسبب امرأة هويها وخاف أن يفسد بحبّها، فلما فقدها مرض بالشأم وضني فمات ودفن بها. كذا ذكر ابن الكلبيّ، وخبره يكتب عقب أخبار سلَّامة القسّ. والغناء لسلَّامة ثقيل أوّل بالوسطى عن حبش. وفيه لحكم رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لحن لابن غزوان الدّمشقيّ من كتاب ابن خرداذبه غير مجنّس.

  سألها الوليد بن يزيد أن تغنيه فيما رثت به أباه

  : أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال حدّثني الجمحيّ قال:

  حدّثني من حضر الوليد بن يزيد وهو يسأل سلَّامة أن تغنّيه شعرها في يزيد وهي تتنغّص من ذلك وتدمع عيناها؛ فأقسم عليها فغنّته؛ فما سمعت شيئا أحسن من ذلك. فقال لها الوليد: رحم اللَّه أبي وأطال عمري وأمتعني بحسن غنائك يا سلَّامة!. بم كان أبي يقدّم عليك حبابة؟ قالت: لا أدري واللَّه!. قال لها، لكنّني واللَّه أدري! ذلك بما قسم اللَّه لها. قالت: يا سيّدي أجل.

  انتحل إسحاق الموصلي ما ناحت به على يزيد حين كلفته أم جعفر أن يصوغ لحنا تنوح به على الرشيد

  : أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثني عبد اللَّه بن عبد الملك الهداديّ عن بعض رجاله عن إسحاق بن إبراهيم الموصليّ قال:

  سمعت نائحة مدنيّة تنوح بهذا الشعر:

  قد لعمري بتّ ليلي ... كأخي الداء الوجيع

  ونجيّ الهمّ منّي ... بات أدنى من ضلوعي

  كلَّما أبصرت ربعا ... دارسا فاضت دموعي

  مقفرا من سيّد كان ... لنا غير مضيع

  والشعر للأحوص. والنّوح لمعبد؛ وكان صنعه لسلَّامة وناحت به سلَّامة على يزيد. فلما سمعته منها استحسنته واشتهيته ولهجت به، فكنت أترنّم به كثيرا. فسمع ذلك / منّي أبي فقال: ما تصنع بهذا؟ قلت: شعر قاله الأحوص وصنعه معبد لسلَّامة وناحت به سلَّامة على يزيد. ثم ضرب الدهر؛ فلما مات الرشيد إذا رسول أمّ جعفر قد وافاني فأمرني بالحضور. فسرت إليها؛ فبعثت إليّ: إني قد جمعت بنات الخلفاء وبنات هاشم لننوح⁣(⁣١) على الرشيد في ليلتنا هذه؛ فقل الساعة أبياتا رقيقة واصنعهن صنعة حسنة حتى أنوح بهن. فأردت نفسي على أن أقول شيئا فما حضرني وجعلت ترسل إليّ تحثّني، فذكرت هذا النّوح فأريت / أنّي أصنع شيئا، ثم قلت: قد حضرني القول وقد صنعت فيه ما أمرت؛ فبعثت إليّ بكنيزة وقالت: طارحها حتى تطارحنيه. فأخذت كنيزة العود وردّدته عليها حتى أخذته، ثم دخلت فطارحته أمّ جعفر؛ فعبثت إليّ بمائة ألف درهم ومائة ثوب.


(١) في الأصول: «لتنوح» بالتاء، وسياق الكلام يقتضي أن تكون بالنون، كما أثبتناها.