كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 498 - الجزء 8

  فحلمك صنه لا تذله⁣(⁣١) وخلَّني ... وشأني وأركب كلّ ما أنت راكب

  / فإنّي امرؤ عوّدت نفسي عادة ... وكل امرئ لا شك ما اعتاد طالب⁣(⁣٢)

  أجود بمالي ما حييت سماحة ... وأنت بخيل يجتويك⁣(⁣٣) المصاحب

  فما أنت أو ما غيّ من كان غاويا ... إذا أنت لم تسدد عليك المذاهب

  زيادة الوليد له في عطائه وقصة ذلك

  : أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي، قال: أنبأنا أبو الأسود الخليل بن أسد، قال: أنبأنا العمري عن العتبي، قال:

  أجرى الوليد بن عبد الملك الخيل وعنده حارثة بن بدر الغداني، وهو حينئذ في ألف وستمائة من العطاء، فسبق الوليد، فقال حارثة: هذه فرصة. فقام فهنّاه ودعا له، ثم قال:

  إلى الألفين⁣(⁣٤) مطَّلع قريب ... زيادة أربع لي قد بقينا

  فإن أهلك فهنّ لكم وإلا ... فهنّ من المتاع لكم⁣(⁣٥) سنينا

  فقال له الوليد: فتشاطرني ذلك: لك مائتان ولي مائتان. فصيّر عطاءه ألفا وثمانمائة. ثم أجرى الوليد الخيل⁣(⁣٦)، فسبق أيضا، فقال حارثة: هذه فرصة [أخرى⁣(⁣٧)]. فقام فهنأه ودعا له، ثم قال:

  وما احتجب الألفان إلَّا بهيّن ... هما الآن أدنى منهما قبل ذالكا

  فجد بهما تفديك نفسي فإنني ... معلَّق آمالي ببعض حبالكا

  فأمر الوليد له بالمائتين، فانصرف وعطاؤه ألفان.

  شهادة زياد له بالبيان

  : أخبرني⁣(⁣٨) محمد بن يحيى، أنبأنا محمد بن زكريا، قال: أنبأنا مهدي بن سابق، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن شبيب بن شيبة، عن أبيه، قال:

  قال زياد يوما لحارثة بن بدر: من أخطب الناس، أنا أو أنت؟ فقال: الأمير أخطب مني إذا توعّد ووعد، وأعطى ومنع، وبرق ورعد، وأنا أخطب منه في الوفادة وفي الثناء والتّحبير، وأنا أكذب إذا خطبت، فأحشو كلامي بزيادة مليحة شهيّة، والأمير يقصد إلى الحقّ وميزان العدل ولا يزيد فيه شعيرة ولا ينقص منه. فقال له زياد: قاتلك


(١) لا تذله: لا تبتذله.

(٢) ب: «وكل امرئ ما اعتاد لا شك طالب». والبيت ساقط من أ.

(٣) يجتو بك: يكرهك.

(٤) أ، ب: «إلى ألفين».

(٥) أ، ب: «لنا».

(٦) أ، ب: «القرح».

(٧) التكملة من أ، ب.

(٨) الكلام من هنا إلى قوله «أخبرني محمد بن يحيى» (ص ٣٩٥) ساقط من أ، ب.