نسبه وأخباره
  اللَّه! فلقد أجدت تخليص صفتك وصفتي، من حيث أعطيت نفسك الخطابة كلَّها وأرضيتني وتخلَّصت. ثم التفت إلى أولاده فقال: هذا لعمركم البيان الصريح.
  هو وزياد في شربه الخمر صرفا
  : أخبرني محمد بن يحيى، قال: أنبأنا محمد بن زكريا عن الحرمازيّ، قال:
  شرب حارثة بن بدر مع بني زياد ليلة إلى الصّبح فأكثر، وصرف(١) ومزجوا، فلما أن غدا على زياد كان وجهه شديد الحمرة، ففطن له زياد، فقال: مالك يا حارثة؟ فقال: أكلت البارحة رمّانا فأكثرت. قال: قد عرفت مع من أكلته، ولكنهم قشّروه وأكلته بقشره فأصارك إلى ما ترى.
  رثاؤه زيادا
  : قال الحرمازي:
  قال بعض أهل العلم: إنّ زيادا استعمل حارثة على سرّق(٢). فمات زياد وهو بها، ثم إنه بلغه موته، فقال حارثة يرثيه:
  /
  إن الرزيّة في قبر بمنزلة ... تجري عليها بظهر الكوفة المور(٣)
  أدّت إليه قريش نعش سيدها ... ففيه ضافي النّدى والحزم مقبور
  أبا المغيرة والدنيا مغيّرة ... وإنّ من غرّ بالدنيا لمغرور
  قد كان عندك للمعروف معرفة ... وكان عندك للنّكراء تنكير
  وكنت تؤتي فتعطي الخير عن سعة ... فاليوم بابك دون الهجر مهجور
  ولا تلين إذا عوسرت مقتسرا(٤) ... وكلّ أمرك ما يوسرت ميسور
  قال: وكان الذي أتاه بنعيه مسعود بن عمرو الأزديّ، فقال حارثة:
  لقد جاء مسعود أخو الأزد غدوة ... بداهية غرّاء باد حجولها(٥)
  من الشر ظلّ الناس فيها كأنهم ... وقد جاء بالأخبار من لا يحيلها
  بينه وبين سعد الرابية في مجلس ابن زياد
  : أخبرني الحسن بن عليّ، قال: أنبأنا العمري عن أحمد بن خالد بن منجوف، عن مؤرّج السّدوسي، قال:
  دخل حارثة بن بدر على عبيد اللَّه بن زياد وعنده سعد الرّابية أحد بني عمرو بن يربوع بن حنظلة، وكان شريرا يضحك ابن زياد ويلهيه، وله يقول الفرزدق:
(١) صرف: أي شرب الشراب غير ممزوج.
(٢) سرق، كسكر: كورة بالأهواز.
(٣) المور: الريح المثيرة للتراب.
(٤) مقتسرا: مكرها.
(٥) حجولها: جمع حجل، بالكسر، وهو الخلخال، ولا يكون ذلك إلَّا مع الشديد من الدواهي.