كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 500 - الجزء 8

  إني لأبغض سعدا أن أجاوره ... ولا أحبّ بني عمرو بن يربوع

  قوم إذا حاربوا لم يخشهم أحد ... والجار فيهم ذليل غير ممنوع⁣(⁣١)

  / فلما جلس حارثة قال له سعد: يا حارثة، أينع الكرم؟ قال: نعم، واستودع ماءه الأصيص⁣(⁣٢)، فمه؟ قال:

  إني لم أرد بأسا. قال: أجل! ولست من أهل البأس: ولكن هل لك علم بالأتان إذا اعتاص رحمها⁣(⁣٣)، كيف يسطى عليها، أكما يسطى على الفرس، أم كيف؟ قال: واحدة بواحدة، والبادي أظلم، سألتني عما لا علم لي به، وسألتك عما تعلم. قال: أنت بما سألتك عنه أعلم مني بما سألتني عنه، ولكن من شاء جهّل نفسه وأنكر ما يعرف. وقال حارثة يهجو سعدا:

  لا ترج مني يا بن سعد هوادة ... ولا صحبة ما أرزمت أمّ حائل⁣(⁣٤)

  أعند الأمير ابن الأمير تعيبني ... وأنت ابن عمرو مضحك في القبائل

  ولو غيرنا يا سعد رمت حريمه ... بخسف لقد غودرت لحما لآكل

  فشالت بك العنقاء أو صرت لحمة ... لأغبس عوّاء العشيّات عاسل⁣(⁣٥)

  هو وابن مسمع حين أراد أن يعرض به

  : أخبرني هاشم بن محمد، قال: أنبأنا الرّياشي عن الأصمعي وأبي عبيدة، قالا:

  كان حارثة بن بدر يجالس مالك بن مسمع فإذا جاء وقت يشرب فيه قام، فأراد مالك أن يعلم من حضره أنه قام ليشرب، فقال له: إلى أين تمضي يا أبا العنبس؟ قال، أجيء بعبّاد بن الحصين يفقأ عينك الأخرى - وقال الأصمعيّ: «أمضي فأفقأ عين عبّاد بن الحصين لآخذ لك بثأرك - وكان عباد فقأ عين مالك يوم المربد⁣(⁣٦).

  شعره في فتنة مسعود

  : قال:

  وذكر المدائنيّ أن حارثة بن بدر كان يومئذ - وهو يوم فتنة مسعود - على خيل حنظلة بإزاء بكر بن وائل، فجعل عبس بن مطلق بن ربيعة الصّريمي على الخيل بحيال الأزد، ومعه سعد والربّاب والأساورة، وقال حارثة بن بدر:

  سيكفيك عبس أخو كهمس ... مقارعة الأزد بالمربد⁣(⁣٧)


(١) «الديوان» (٥٢٧ - ٥٢٨ طبعة الصاوي).

(٢) الأصيص: الباطية، والدن المقطوع الرأس.

(٣) اعتاص: التأث.

(٤) أم حائل: كنية الناقة. وأرزمت. حنت إلى ولدها.

(٥) الأغبس: الذئب، من الغبسة، وهي لونه التي هي بياض مع كدرة. والعاسل: الذي يضطرب في عدوه ويهز رأسه من مضائه، وهي مشية الذئب والفرس.

(٦) حديث هذا كان يوم الجفرة وكان بين عبد الملك بن مروان ومصعب (ابن الأثير في حوادث سنة سبعين).

(٧) في الشعر إقواء، وهو اختلاف اعراب القوافي.