كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 507 - الجزء 8

  سيّدكم. فقالوا: من⁣(⁣١) سيدنا غيرك؟ قال: حارثة بن بدر. قال: وقدم حارثة من الأهواز بمال كثير فبلغه ما قال الأحنف، فقال: اغرمنيها واللَّه ابن الزّافريّة! ثم أتاهم كأنه لم يعلم فيما اجتمعوا، [فقال فيم اجتمعتم؟ فأخبروه].

  فقال⁣(⁣٢): لا تلقوا فيهما أحدا [فهما عليّ⁣(⁣٢)]، ثم أتى منزله فقال:

  خلت الديار فسدت غير مسوّد ... ومن الشّقاء⁣(⁣٣) تفرّدي بالسّودد

  تمثل سفيان بن عيينة ببيت له

  : أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيخ عن أبيه، قال:

  خرج أصحاب الحديث⁣(⁣٤) إلى سفيان بن عيينة فازدحموا، فقال: لقد هممت ألا أحدثكم شهرا. فقام إليه شاب من أهل العراق، فقال له: يا أبا محمد، ألن جانبك، وحسّن قولك، وتأسّ بصالحي سلفك، وأجمل مجالسة جلسائك، فقد أصبحت بقية الناس، وأمينا للَّه ورسوله على العلم، واللَّه إن الرجل ليريد الحجّ فتتعاظمه مشقته حتى يكاد أن يقيم، فيكون لقاؤه إياك وطمعه فيك أكثر⁣(⁣٥) ما يحرّكه عليه. قال: فخضع سفيان [وتواضع⁣(⁣٢)] ورقّ وبكى، ثم تمثّل بقول⁣(⁣٦) حارثة:

  خلت الديار فسدت غير مسوّد ... ومن الشقاء⁣(⁣٧) تفرّدي بالسّودد

  ثم حدّثهم بعد ذلك بكل ما أرادوا إلى أن رحلوا.

  مدحه سعيد ابن قيس لإجارته حين أهدر على دمه

  : / أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ ومحمد بن الحسين الكندي، قالا: حدثنا الخليل بن أسد، قال: حدثنا العمري، عن الهيثم بن عديّ، عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة⁣(⁣٨):

  أن حارثة بن بدر الغداني كان سعى في الأرض فسادا، فأهدر⁣(⁣٩) عليّ ابن أبي طالب # دمه، فهرب فاستجار⁣(⁣١٠) بأشراف الناس، فلم يجره أحد، فقيل له: عليك بسعيد بن قيس الهمدانيّ فلعله [أن⁣(⁣١١)] يجيرك. فطلب سعيدا فلم يجده، فجلس في طلبه حتى جاء، فأخذ بلجام فرسه فقال⁣(⁣١٢)]: أجرني أجارك اللَّه، قال: ويحك، مالك؟

  قال: أهدر⁣(⁣١٣) أمير المؤمنين دمي. قال: وفيم [ذاك⁣(⁣١٤)]؟ قال: سعيت في الأرض فسادا. قال: ومن أنت؟ قال:

  حارثة بن بدر الغداني. قال: أقم. وانصرف إلى عليّ # فوجده قائما على المنبر يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين، ما جزاء الَّذين يحاربون اللَّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادا؟ قال: أن يقتّلوا أو يصلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض. قال: يا أمير المؤمنين، إلَّا من؟ قال: إلَّا من تاب. قال: فهذا حارثة بن


(١) أ، ب: «قالوا: ومن سيدنا».

(٢) التكملة من أ، ب.

(٣) أ، ب: «ومن البلاء».

(٤) أ، ب: «على».

(٥) أ، ب: «أكبر».

(٦) أ، ب: «ثم تمثل قول».

(٧) أ، ب: «ومن البلاء».

(٨) ب: «عتبة».

(٩) أ، ب: «فنذر».

(١٠) أ، ب: «واستجار».

(١١) التكملة من أ، ب.

(١٢) أ، ب: «وقال».

(١٣) أ، ب: «نذر».

(١٤) تكملة من ب.