كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 510 - الجزء 8

  تزوج حارثة بن بدر ميسة بنت جابر، وكانت تذكر بجمال وعقل ولسان، فلما هلك حارثة تزوّجها بشر بن شعاف بعده فلم تحمده، فقالت ترثي حارثة:

  /

  بدّلت بشرا شقاء أو معاقبة ... من فارس كان قدما غير خوّار

  يا ليتني قبل بشر كان عاجلني ... داع من اللَّه أو داع من النّار

  وقالت أيضا فيه:

  ما خار لي ذو العرش لمّا استخرته ... وعذّبني أن صرت لابن شعاف

  فما كان لي بعلا وما كان مثله ... يكون حليفا أو ينال إلا في

  فيا ربّ قد أوقعتني في بليّة ... فكن لي حصنا منه ربّ وكاف⁣(⁣١)

  ونحّ إلهي ربقتي من يد امرئ ... شتيم محيّاه لكل مصافي⁣(⁣٢)

  هو السّوأة السّواء لا خير عنده ... لطالب خير أو أحذّ قوافي⁣(⁣٣)

  يرى أكلة إن نلتها قلع ضرسه ... وما تلك زلفى يال عبد مناف

  وإن حادث عضّ الشّعافيّ لم يكن ... صليبا ولا ذا تدرأ وقذاف⁣(⁣٤)

  بينه وبين ابن زنيم

  : أخبرني محمد بن مزيد⁣(⁣٥)، قال: أنبأنا حماد بن إسحاق عن أبيه، عن عاصم ابن الحدثان، قال:

  لقي أنس بن زنيم الدّئلي حارثة بن بدر فقال له: يا حارثة، قد قلت لك أبياتا فاسمعها. فقال: هاتها، فأنشده:

  فحتّى متى أنت ابن بدر مخيّم ... وصحبك يحسون الحليب من الكرم

  فإن كان شرّا فاله عنه وخلَّه ... لغيرك من أهل التّخبّط والظَّلم

  / وإن كان غنما يا بن بدر فقد أرى ... سئمت من الإكثار من ذلك الغنم

  وإن كنت ذا علم بها واحتسائها⁣(⁣٦) ... فما لك تأتي ما يشينك عن علم

  تق اللَّه وأقبل يا بن بدر نصيحتي ... ودعها لمن أمسى بعيدا من الحزم

  فلو أنها كانت شرابا محلَّلا ... وقلت لي اتركها لأوضعت⁣(⁣٧) في الحكم⁣(⁣٨)

  وأيقنت أن القول⁣(⁣٩) ما قلت فانتفع ... بقولي ولا تجعل كلامي من الجرم


(١) الوجه: «وكافيا»، فعدل عنها للقافية، وهذه من أقبح الضرورات.

(٢) الربقة، بكسر الراء وسكون الباء: العقدة. وشتيم المحيا: كريهه.

(٣) الأحذ: الذي لا يتعلق به شيء لجودته.

(٤) الشعافي، هو بشر بن شعاف، المذكور قبل. وذو تدرأ: ذو عزة ومنعة. والقذاف: الرمي.

(٥) ب: «يزيد».

(٦) أ، ب: «بما في احتسائها».

(٧) أوضعت: أسرعت.

(٨) أ، ب: «في الحلم».

(٩) أ، ب: «الحلم».