كثير عزة
  قصير القميص فاحش عند بيته ... يعضّ القراد باسته وهو قائم
  وما أنتم منّا ولكنكم لنا ... عبيد العصا ما ابتلّ في البحر عائم
  وقد علم الأقوام أن بني استها ... خزاعة أذناب وأنّا القوادم
  / وو اللَّه لولا اللَّه ثم ضرابنا ... بأسيافنا دارت عليها المقاسم
  ولولا بنو بكر لذلَّت وأهلكت ... بطعن وأفنتها السيوف الصوارم
  تهدده أبو الطفيل واستوهبه خندف الأسديّ:
  قال: فقام كثيّر فحمل عليه فلكزه. وكان الحزين طويلا أيّدا. فقال له الحزين. أنت عن هذا أعجز، واحتمله فكان في يده مثل الكرة، فضرب به الأرض، فخلَّصه منه الأزهريّون. فبلغ ذلك [أبا(١)] الطَّفيل عامر بن واثلة وهو بالكوفة، فأقسم لئن ملأ عينيه من كثيّر ليضربنّه بالسيف أو ليطعننّه بالرمح. وكان خندف الأسديّ صديقا لأبي الطَّفيل، فطلب إلى أبي الطفيل في كثيّر واستوهبه إيّاه فوهبه له. والتقيا بمكة وجلسا جميعا مع عمر بن عليّ بن أبي طالب، فقال: أمّا واللَّه لولا ما أعطيت خندفا من العهد لوفيت لك. فذلك قول كثيّر في قصيدته التي يرثي فيها خندفا:
  ينال رجالا نفعه وهو منهم ... بعيد كعيّوق(٢) الثّريّا المحلَّق
  أنكر على الأحوص ضراعته في الاستجداء:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال:
  قال كثيّر: في أيّ شعر أعطى هؤلاء الأحوص عشرة آلاف دينار؟ قالوا: في قوله فيهم:
  وما كان مالي طارفا من تجارة ... وما كان ميراثا من المال متلدا
  ولكن عطايا من إمام مبارك ... ملا الأرض معروفا وجودا وسؤددا
  فقال كثيّر: إنه لضرع قبحه اللَّه! ألا قال كما قلت:
  صوت
  دع عنك سلمى إذ فات مطلبها ... واذكر خليليك(٣) من بني الحكم
  ما أعطياني ولا سألتهما ... إلَّا وإنّي لحاجزي كرمي
  إنّي متى لا يكن نوالهما ... عندي مما قد فعلت أحتشم
  مبدي الرّضا عنهما ومنصرف ... عن بعض ما لو فعلت لم ألم
(١) التكملة عن ترجمته في «الأغاني» (ج ١٣ ص ١٦٦ طبع بولاق) و «شرح القاموس» (مادة طفل). وهو عامر بن واثلة بن عبد اللَّه بن عمرو بن جابر بن خميس، له صحبة برسول اللَّه ﷺ، وعمر بعده طويلا، كان مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # وروي عنه وكان من وجوه شيعته.
(٢) العيوق: كوكب أحمر مضيء بحيال الثريا في ناحية الشمال، ويطلع قبل الجوزاء.
(٣) في الأصول: «خليلك» ويعني بهما عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بن الحكم.