كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

كثير عزة

صفحة 9 - الجزء 9

  لا أنزر النائل الخليل إذا ... ما اعتلّ نزر الظَّؤور لم ترم⁣(⁣١)

  عروضه من المنسرح. غنّى في هذا الشعر يونس ثاني ثقيل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وغنّى فيه الغريض ثاني ثقيل بالبنصر على مذهب إسحاق من رواية عمرو بن بانة. وفيه لحن من الثقيل الأوّل ينسب إلى معبد، وليس بصحيح له. قال الزّبير بن بكَّار في تفسير قوله: «لا أنزر النائل الخليل» يقول: لا ألحّ عليه بالمسألة، يقال: نزرته أنزره إذا ألححت عليه. والظَّؤور: المتعطَّفة على [غير⁣(⁣٢)] أولادها.

  حديثه مع عبد الملك في استقطاعه أرضا له:

  أخبرني الحرميّ قال حدّثني الزّبير قال حدّثنا المؤمّليّ عن أبي عبيدة، وأخبرنا أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر قالا حدّثنا عبد اللَّه بن محمد بن حكيم عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبيه قال:

  / دخل كثيّر على عبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ أرضا لك يقال لها غرّب⁣(⁣٣) ربما أتيتها وخرجت إليها بولدي وعيالي فأصبنا من رطبها وتمرها بشراء / مرّة وطعمة مرّة. فإن رأى أمير المؤمنين أن يعمّرنيها⁣(⁣٤) فعل. فقال له عبد الملك: ذلك لك. فندّمه الناس وقالوا له: أنت شاعر الخليفة ولك عنده منزلة، فهلَّا سألت الأرض قطيعة!. فأتى الوليد فقال: إنّ لي إلى أمير المؤمنين حاجة فأجلسني قريبا من البرذون. فلما استوى عليه عبد الملك قال له: إيه! وعلم أنّ له إليه حاجة. فقال كثيّر:

  جزتك الجوازي عن صديقك نضرة ... وأدناك ربيّ في الرّفيق المقرّب

  فإنّك لا يعطى عليك ظلامة ... عدوّ ولا تنأى عن المتقرّب

  وإنّك ما تمنع فإنك مانع ... بحقّ، وما أعطيت لم تتعقّب

  فقال له: أترغب غرّبا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: اكتبوها له، ففعلوا.

  هجاء الحزين له في مجلس ابن أبي عتيق:

  أخبرني الحرميّ قال حدّثني الزّبير قال حدّثنا عمر بن أبي بكر المؤمّلي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي عبيدة قال:

  كان الحزين الكنانيّ قد ضرب على كل رجل من قريش درهمين في كل شهر، منهم ابن أبي عتيق. فجاءه لأخذ درهميه على حمار له أعجف - قال: وكثيّر مع ابن أبي عتيق - فدعا ابن أبي عتيق للحزين بدرهمين. فقال الحزين لابن أبي عتيق: من هذا معك؟ قال: هذا أبو صخر كثيّر بن أبي جمعة - قال: وكان قصيرا دميما - فقال له الحزين: أتأذن لي أن أهجوه ببيت من شعر؟ قال: لا! لعمري لا آذن لك أن تهجو جليسي، ولكني أشتري عرضه منك بدرهمين آخرين ودعا له بهما. فأخذهما ثم قال: لا بدّ من هجائه ببيت. قال: أو أشتري / ذلك منك بدرهمين آخرين، ودعا له بهما. فأخذهما ثم قال: ما أنا بتاركه حتى أهجوه. قال: أو أشتري / ذلك منك بدرهمين. فقال له


(١) ترم: تحن وتعطف. وأصله «ترأم» سهلت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين؛ فإن آخر الفعل ساكن بالجازم وحرك بالكسر للقافية.

(٢) التكملة عن «معاجم اللغة».

(٣) غرب: ماء بنجد ثم بالشريف من مياه بني نمير. وغرب أيضا: جبل دون الشام في ديار بني كلب وعنده عين ماء تسمى غربة. هذا ما ورد في «معجم البلدان» لياقوت. لعله يعني هنا موضعا آخر.

(٤) يقال: عمر فلان فلانا كذا إذا جعله له طول عمره.