كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

كثير عزة

صفحة 10 - الجزء 9

  كثيّر: إيذن له، ما عسى أن يقول في بيت! فأذن له ابن أبي عتيق. فقال:

  قصير القميص فاحش عند بيته ... يعضّ القراد باسته وهو قائم

  قال: فوثب كثيّر إليه فلكزه، فسقط هو والحمار، وخلَّص ابن أبي عتيق بينهما، وقال لكثيّر قبحك اللَّه! أتأذن له وتسفه عليه! فقال كثيّر: أو أنا ظننته أن يبلغ بي هذا كلَّه في بيت واحد!.

  ادّعى أنه قرشي فرده الشعراء وسبه الكوفيون:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة ولم يتجاوزه، وأخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا عبد الرحمن بن الخضر الخزاعيّ عن ولد جمعة بنت كثيّر أنه وجد في كتب أبيه التي فيها شعر كثيّر: أنّ عبد الملك بن مروان قال له: ويحك! إلحق بقومك من خزاعة، فأخبر أنه من كنانة قريش، وأنشد كثيّر قوله:

  أليس أبي بالصّلت أم ليس إخوتي ... بكل هجان من بني النّضر أزهرا

  فإن لم تكونوا من بني النّضر فاتركوا ... أراكا بأذناب القوابل⁣(⁣١) أخضرا

  أبيت التي قد سمتني ونكرتها ... ولو سمتها قبلي قبيصة⁣(⁣٢) أنكرا

  لبسنا ثياب العصب⁣(⁣٣) فاختلط السّدى ... بنا وبهم والحضرميّ المخصّرا

  / فقال له عبد الملك: لا بدّ أن تنشد هذا الشعر على منبري الكوفة والبصرة، وحمله وكتب / به إلى⁣(⁣٤) العراق في أمره. قال عمر بن شبّة في خبره خاصّة: فأجابته خزاعة الحجاز إلى ذلك. وقال فيه الأحوص - ويقال: بل قاله سراقة البارقيّ -:

  لعمري لقد جاء العراق كثيّر ... بأحدوثة من وحيه المتكذّب

  أيزعم أنّي من كنانة أوّلى ... وما لي من أمّ هناك ولا أب

  فإن كنت حرّا أو تخاف معرّة ... فخذ ما أخذت من أميرك واذهب

  فقال كثيّر يجيبه - وفي خبر الزّبير: قال هذا لأبي علقمة الخزاعي -:

  أيا خبث أكرم كنانة إنّهم ... مواليك إن أمر سما بك معلق

  - وفي رواية الزّبير: «أبا علقم».


(١) تقدمت فيه راوية أخرى: «بأذيال الخمائل». (راجع الحاشية رقم ٣ ص ٧ من هذه الترجمة).

(٢) هو قبيصة بن ذؤيب الخزاعي الكعبي أبو سعيد وأبو إسحاق، ولد في حياة النبي . وتوفي سنة ٨٦ (عن «شرح القاموس» مادة قبص).

(٣) كذا في كتاب «السيرة» لابن هشام (ج ١ ص ٦١ طبع أوروبا) و «الروض الأنف» للسهيلي. والعصب: برود يمنية يعصب غزلها (أي يجمع ويشد) ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ. قال السهيلي في كتابه «الروض الأنف» في معنى هذا البيت: «يريد أن قدودنا من قدودهم، فسدي أثوابنا مختلط بسدي أثوابهم. والحضرمي: النعال المخصرة التي تضيق من جانبيها كأنها ناقصة الخصرين».

(٤) وردت هذه العبارة في ج: «وكتب في أمره». وفي سائر الأصول: «وكتب به إلى العراق في أمره».