كثير عزة
  منكرة، فجاء به الذي أسره إلى المختار فقال له: إنّي أسرت هذا. فقال له سراقة: كذب! ما هو الذي أسرني، إنما أسرني غلام أسود على برذون أبلق عليه ثياب خضر، ما أراه في عسكرك الآن، وسلَّمني إليه. فقال المختار: أمّا إنّ الرجل قد عاين / الملائكة! خلَّوا سبيله فخلَّوه، فهرب فأنشأ يقول:
  /
  ألا أبلغ أبا إسحاق أنّي ... رأيت البلق دهما مصمتات(١)
  أري عينيّ ما لم تبصراه ... كلانا عالم بالتّرّهات
  كفرت بدينكم وجعلت نذرا ... عليّ قتالكم حتى الممات
  كان يرى أن ابن الحنفية لم يمت وكان ذلك رأي السيد:
  أخبرنا الحرميّ قال أخبرنا الزبير قال أخبرنا عمرو(٢) ومحمد بن الضّحاك قالا: كان كثيّر يتشيّع تشيّعا قبيحا، يزعم أنّ محمد بن الحنفيّة لم يمت. قال: وكان ذلك رأي السيّد، وقد قال فيه (يعني السيّد) شعرا كثيرا، منه:
  ألا قل للوصيّ فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
  أضرّ بمعشر والوك منّا ... وسمّوك الخليفة والإماما
  وعادوا فيك أهل الأرض طرّا ... مقامك عنهم ستّين عاما
  وما ذاق ابن خولة(٣) طعم موت ... ولا وارت له أرض عظاما
  لقد أوفى بمورق شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكلاما
  وإنّ له به لمقيل صدق ... وأندية تحدّثه كراما
  هدانا اللَّه إذ جرتم لأمر ... به ولديه نلتمس التّماما
  تمام مودّة المهديّ حتّى ... تروا راياتنا تترى نظاما
  وقال كثيّر في ذلك:
  ألا إنّ الأئمّة من قريش ... ولاة الحقّ أربعة سواء
  عليّ والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
  فسبط سبط إيمان وبرّ ... وسبط غيّبته كربلاء
  / وسبط لا تراه العين حتّى ... يقود الخيل يقدمها(٤) اللَّواء
  تغيّب لا يرى عنهم زمانا ... برضوى عنده عسل وماء
(١) كذا في الطبري (ق ٢ ص ٦٦٥) وبه يستقيم الرويّ. وفي الأصول ... عني أن البلق دهم مصمتات». ومصمت: لا يخالط لونه لون آخر. أي أن دهمتها خالصة لا يشوبها لون آخر.
(٢) في ح: «عمر».
(٣) خولة: اسم أم محمد بن الحنفية.
(٤) كذا فيما تقدم (ج ٧ ص ٢٧٦ من هذه الطبعة). وفي الأصول هنا: «يتبعها».