كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

كثير عزة

صفحة 13 - الجزء 9

  شعره في ابن الحنفية حين سجنه ابن الزبير في سجن عارم:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا الحارث بن محمد عن المدائنيّ عن أبي بكر الهذليّ قال:

  كان عبد اللَّه بن الزّبير قد أغري ببني هاشم يتبعهم بكل مكروه ويغري بهم ويخطب بهم على المنابر ويصرّح ويعرّض بذكرهم. فربما عارضه ابن عبّاس وغيره منهم. ثم بدا له فيهم فحبس ابن الحنفيّة في سجن عارم⁣(⁣١)، ثم جمعه وسائر من كان بحضرته من بني هاشم، فجعلهم في محبس وملأه حطبا وأضرم فيه النار. وقد كان بلغه أنّ أبا⁣(⁣٢) عبد اللَّه الجدليّ وسائر شيعة ابن الحنفيّة قد وافوا لنصرته ومحاربة ابن الزبير، فكان ذلك سبب إيقاعه به. وبلغ أبا عبد اللَّه الخبر فوافى ساعة أضرمت النار عليهم فأطفأها واستنقذهم، وأخرج ابن الحنفيّة عن جوار ابن الزّبير منذ يومئذ. فأنشدنا محمد بن العبّاس اليزيديّ قال أنشدنا محمد بن حبيب لكثيّر يذكر ابن الحنفيّة وقد حبسه⁣(⁣٣) ابن الزّبير في سجن يقال له سجن عارم:

  من ير هذا الشيخ بالخيف من منّى ... من الناس يعلم أنّه غير ظالم

  / سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه ... وفكَّاك أغلال ونفّاع غارم

  أبي فهو لا يشري هدى بضلالة ... ولا يتّقي في اللَّه لومة لائم

  ونحن بحمد اللَّه نتلو كتابه ... حلولا بهذا الخيف خيف المحارم

  بحيث الحمام آمن الرّوع ساكن ... وحيث العدوّ كالصديق المسالم

  / فما فرح الدّنيا بباق لأهله ... ولا شدّة البلوى بضربة لازم

  تخبّر⁣(⁣٤) من لاقيت أنك عائذ ... بل العائذ المظلوم في سجن عارم

  أنشد عليّ بن عبد اللَّه شعرا له في ابن الحنفية وحديثه معه:

  حدّثني أحمد بن محمد بن سعيد الهمدانيّ قال حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار، وأخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني محمد بن إسماعيل الجعفريّ عن سعيد عن عقبة الجهنيّ عن أبيه قال:

  سمعت كثيّرا ينشد عليّ بن عبد اللَّه بن جعفر قوله في محمد بن الحنفيّة:

  أقرّ اللَّه عيني إذ دعاني ... أمين اللَّه يلطف في السؤال

  وأثنى في هواي عليّ خيرا ... وساءل عن بنيّ وكيف حالي

  وكيف ذكرت حال أبي خبيب ... وزلَّة فعله عند السّؤال

  هو المهديّ خبّرناه كعب⁣(⁣٥) ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي


(١) سجن بمكة.

(٢) هو أبو عبد اللَّه الجدلي عبدة بن عبد، أرسله المختار بن أبي عبيد نجدة لبني هاشم لما حبسهم ابن الزبير، كما هو ظاهر في القعمة.

(انظر الطبري ق ٢ ص ٦٩٣ - ٦٩٥).

(٣) في الأصول: «وقد حبسهم».

(٤) يريد عبد اللَّه بن الزبير، وكان يدّعي أنه عائذ بالبيت فلا يحل قتاله.

(٥) هو كعب الأحبار بن ماتع ويكنى أبا إسحاق، وهو من حمير من آل ذي رعين، وكان على دين يهود فأسلم وقدم المدينة ثم خرج إلى