كثير عزة
  أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزبير قال حدّثني عبد الرحمن بن الخضر(١) بن أبي بكر بن عبد العزيز بن عبد الرحمن أبي جندل(٢) عن أبيه عبد العزيز الخزاعيّ - وأمّه جمعة بنت كثيّر - عن أمه جمعة عن أبيها كثيّر:
  أنّ أوّل علاقته بعزّة أنه خرج من منزله يسوق خلف(٣) غنم إلى الجار(٤)، فلما كان بالخبت وقف على نسوة من بني ضمرة فسألهنّ عن الماء، فقلن لعزّة وهي جارية / حين كعب ثدياها: أرشديه إلى الماء، فأرشدته وأعجبته.
  فبينا هو يسقى غنمه إذ جاءته عزّة بدراهم، فقالت: يقلن لك النسوة: بعنا بهذه الدراهم كبشا من ضأنك: فأمر الغلام فدفع إليها كبشا، وقال: ردّي الدراهم وقولي لهنّ: إذا رحت بكنّ اقتضيت حقيّ. فلما راح مرّ بهنّ، فقلن له: هذا حقّك فخذه. فقال: عزّة غريمي(٥)، ولست أقتضي حقّي إلَّا منها. فمزحن معه وقلن: ويحك! عزّة جارية صغيرة وليس فيها وفاء لحقّك فأحله على إحدانا فإنها أملأ به منها وأسرع له أداء. فقال: ما أنا بمحيل حقّي عنها.
  ومضى لوجهه، ثم رجع إليهنّ حين فرغ من بيع جلبه فأنشدهنّ فيها:
  نظرت إليها نظرة وهي عاتق ... على حين أن شبّت وبان نهودها
  وقد درّعوها وهي ذات مؤصّد ... مجوب ولمّا يلبس الدّرع ريدها(٦)
  من الخفرات البيض ودّ جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
  في هذا البيت وأبيات أخر معه غناء يذكر بعد تمام هذا الخبر وما يضاف إليه من جنسه. وأنشدهنّ أيضا:
  قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه ... وعزّة ممطول معنى غريمها
  فقلن له: أبيت إلَّا عزّة! وأبرزنها إليه وهي كارهة. ثم أحبّته عزّة بعد ذلك أشدّ من حبّه إيّاها. قال الزّبير: فسألت محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الخزاعيّ المعروف بأبي جندل عن هذا الحديث، فعرفه وحدّثنيه عن أبيه عن جدّه عبد العزيز بن أبي جندل عن أمه جمعة بنت كثيّر عن أبيها.
  سؤال عبد الملك لعزة عن كثير وسبب إعجابه بها:
  وأخبرني عمي الحسن بن محمد الأصفهاني | قال حدّثني محمد بن سعد الكرانيّ قال حدّثنا النّضر بن عمرو قال حدّثني عمر بن عبد اللَّه بن خالد المعيطيّ، وأخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني يعقوب بن نعيم قال حدّثني إبراهيم بن إسحاق الطَّلحيّ، وأخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا / الزّبير قال حدّثني يعقوب بن عبد اللَّه الأسديّ وغيره، قال الزبير وحدّثني محمد بن صالح الأسلميّ قال:
(١) لعله: «عن أبي بكر بن عبد العزيز» إلخ.
(٢) في الأصول: «عبد الرحمن بن جندل». وقد أصلحناه مما يأتي في الصفحة التالية.
(٣) يحتمل أن يكون: «يسوق جلب غنم».
(٤) الجار: موضع على ثلاث مراحل من المدينة بساحل البحر. والخبث في الأصل: المطمئن من الأرض فيه رمل، أو هو الوادي العميق الوطيء ينبت ضروب العضاء، واسم لعدة مواضع.
(٥) في الأصول: «غريمتي». وفعيل بمعنى مفعول إذا ذكر موصوفه يستوي فيه المذكر والمؤنث.
(٦) المؤصد: صدار تلبسه الجارية (الفتاة الصغيرة) فإذا أدركت درّعت. والمجوب: الذي جعل له جيب. وريدها: تربها وندها.
والأصل في «الرئد» بالهمز.