أخبار الأعشى ونسبه
  فليح لأبيه عبد اللَّه بن طاهر. وهذا الصوت يغنّى في هذا الزمان على ما سمعناه:
  أيا جارتا دومي فإنك صادقه ... وموموقة فينا كذاك ووامقه
  / ولم نفترق أن كنت فينا دنيئة ... ولا أن تكوني جئت عندي ببائقه
  وأحسبه غيّر في دور الطاهريّة على هذا.
  فخر الأخطل بشعر له في الخمر فرد عليه الشعبي بشعره:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني سوّار بن أبي شراعة قال حدّثني أبي عن مسعود بن بشر عن أبي عبيدة قال:
  دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان وقد شرب خمرا وتضمّخ بلخالخ(١) وخلوق وعنده الشّعبيّ. فلما رآه قال: يا شعبيّ، ناك الأخطل أمّهات الشعراء جميعا. فقال له الشعبيّ: بأيّ شيء؟ قال حين يقول:
  وتظلّ تنصفنا(٢) بها قرويّة ... إبريقها برقاعه(٣) ملثوم
  فإذا تعاورت الأكفّ زجاجها ... نفحت فشمّ رياحها المزكوم
  فقال الأخطل(٤) سمعت بمثل هذا يا شعبيّ؟! قال: إن أمنتك قلت لك. قال: أنت آمن. فقلت له: أشعر واللَّه منك الذي يقول:
  وأدكن(٥) عاتق حجل ربحل ... صبحت براحه شربا كراما
  من اللائي حملن على المطايا ... كريح المسك تستلّ الزّكاما
  / فقال الأخطل: ويحك! ومن يقول هذا؟ قلت: الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة. فقال: قدّوس قدّوس! ناك الأعشى أمهات الشعراء جميعا وحقّ الصليب!.
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة والهيثم بن عديّ، وحدّثني الصّوليّ قال حدّثني الغلابيّ عن العتبيّ عن أبيه، وذكر / هارون بن الزيّات عن حمّاد عن أبيه عن عبد اللَّه بن الوليد عن جعفر بن سعيد الضّبّيّ، قالوا جميعا:
  قدم الأخطل الكوفة، فأتاه الشعبيّ يسمع من شعره. قال: فوجدته يتغدّى، فدعاني أتغدّى فأتيته، فوضع الشراب فدعاني إليه فأتيته. فقال ما حاجتك؟ قلت: أحبّ أن أسمع من شعرك، فأنشدني قوله:
  صرمت أمامة حبلنا ورعوم
  حتى انتهى إلى قوله:
(١) لخالخ: جمع لخلخة وهي ضرب من الطيب.
(٢) تنصفنا: تخدمنا.
(٣) في «ديوان الأخطل»: «برقاعها».
(٤) السياق مستغن عنها.
(٥) الأدكن: الضارب إلى السواد. والعاتق: القديم. والجحل (بالفتح وتقديم الجيم على الحاء): السقاء الواسع وقد وردت هذه الكلمة في الأصول بتقديم الحاء على الجيم وهو تصحيف. والربحل: الضخم.