ذكر الشماخ ونسبه وخبره
  بعجت إليه البطن ثم انتصحته ... وما كلّ من يفشى إليه بناصح
  وإنّي من قوم على أن ذممتهم(١) ... إذا أولموا لم يولموا بالأنافح(٢)
  وإنك من قوم تحنّ نساؤهم ... إلى الجانب الأقصى حنين المنائح(٣)
  / ثم دخل المدينة في بعض حوائجه، فتعلَّقت به بنو سليم يطلبونه بظلامة صاحبتهم، فأنكر. فقالوا: احلف، فجعل يطلب إليهم ويغلَّظ عليهم أمر اليمين وشدّتها عليه ليرضوا بها منه حتى رضوا، فحلف لهم وقال:
  ألا أصبحت عرسي من البيت جامحا ... بغير(٤) بلاء أيّ أمر بدالها
  على خيرة(٥) كانت أم العرس جامح ... فكيف وقد سقنا إلى الحيّ ما لها
  سترجع غضبى رثّة الحال عندنا ... كما قطعت منّا بليل وصالها
  فذكر بعد هذه الأبيات قوله:
  أتتني سليم قضّها وقضيضها
  إلى آخر الأبيات.
  خطب امرأة فتزوّجها أخوه جزء فماتا متهاجرين:
  وقال ابن الكلبيّ:
  كان الشّماخ يهوى امرأة من قومه يقال لها كلبة بنت جوّال أخت جبل بن جوّال الشاعر ابن صفوان بن بلال بن أصرم بن إياس بن عبد تميم بن جحاش بن بجالة بن مازن بن ثعلبة، وكان يتحدّث إليها ويقول فيها الشعر؛ فخطبها فأجابته وهمّت أن تتزوّجه. ثم خرج إلى سفر له فتزوّجها أخوه جزء بن ضرار، فآلى الشمّاخ ألَّا يكلَّمه أبدا، وهجاه بقصيدته التي يقول فيها:
  لنا صاحب قد خان من أجل نظرة ... سقيم الفؤاد حبّ كلبة شاغله
  فماتا متهاجرين.
  استنشد المهدي بن دأب من أشعر ما قالت العرب فأنشده من شعره:
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد الورّاق قال حدّثني أحمد بن محمد بن بكر الزّبيريّ قال حدّثنا الحسن بن موسى بن رباح مولى الأنصار عن أبي غزيّة الأنصاريّ قال:
  كنت على باب المهديّ يوما، فخرج حاجبه فقال: أين ابن دأب؟ فقال: هأنذا. فقال: ادخل؛ فدخل ثم خرج فجلس. فقلت: يا بن دأب، / ما جرى بينك وبين أمير المؤمنين؟ قال قال لي: أنشدني أبياتا من أشعر ما
(١) كذا في «ديوانه» وفي الأصول: «قضيتهم».
(٢) الأنافح: جمع إنفحة (بكسر الهمزة وفتح الفاء) وهي كرش الحمل والجدي ما لم يأكلا، فإذا أكلا فهي كرش.
(٣) المنائح: جمع منيحة وهي المعارة للبن فهي تحنّ لوطنها.
(٤) كذا في «تجريد الأغاني». وفي «ديوانه»: «على غير شيء». وفي الأصول: «بخير بلاء» وهو تحريف.
(٥) أي على حالة خيرة. وأم للإضراب بمعنى بل.