ذكر الشماخ ونسبه وخبره
  قالت العرب؛ فأردت أن أنشده قول صاحبك أبي صرمة الأنصاريّ التي يقول فيها:
  لنا صور يؤول الحقّ فيها ... وأخلاق يسود بها الفقير
  ونصح للعشيرة حيث كانت ... إذا ملئت من الغشّ الصدور
  وحلم لا يصوب الجهل فيه ... وإطعام إذا قحط الصّبير(١)
  بذات يد على ما كان فيها ... نجود(٢) به قليل أو كثير
  فتركتها وقلت: إن من أشعر ما قالت العرب قول الشّمّاخ:
  وأشعث قد قدّ السّفار(٣) قميصه ... يجرّ شواء(٤) بالعصا غير منضج
  دعوت إلى ما نابني فأجابني ... كريم من الفتيان غير مزلَّج(٥)
  فتى يملأ الشّيزى(٦) ويروي سنانه ... ويضرب في رأس الكميّ المدجّج
  فتى ليس بالراضي بأدنى معيشة ... ولا في بيوت الحيّ بالمتولَّج
  / فقال: أحسنت! ثم رفع رأسه إلى عبد اللَّه بن مالك فقال: هذه صفتك يا أبا العباس. فأكبّ عليه عبد اللَّه فقبّل رأسه وقال: ذكرك اللَّه بخير الذّكر يا أمير المؤمنين. قال أبو غزيّة فقلت له: الأبيات التي تركت واللَّه أشعر من التي ذكرت.
  عرابة الذي مدحه ونسبه:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
  عرابة الذي عناه الشمّاخ بمدحه هو أحد أصحاب النبيّ ﷺ وهو عرابة بن أوس بن قيظيّ بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج. وإنما قال له الشماخ: عرابة الأوسيّ، وهو من الخزرج، نسبة إلى أبيه أوس بن قيظيّ. ولم يصنع إسحاق في هذا القول شيئا. عرابة من الأوس لا من الخزرج؛ وفي الأوس رجل يقال له الخزرج ليس هذا هو الجدّ الذي ينتهي إليه الخزرجيّون الذي هو أخو الأوس، هذا الخزرج بن النّبيت بن مالك بن الأوس، وهكذا نسبه النسّابون.
  أتى عرابة النبي في غزاة أحد مع غلمة فردّهم:
  وأخبرني به الحرميّ بن أبي العلاء عن عبد اللَّه بن جعفر بن مصعب عن جدّه مصعب الزّبيريّ عن ابن القدّاح:
  وأتى النبيّ ﷺ في غزاة أحد ليغزو معه؛ فردّه في غلمة استصغرهم: منهم عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وأسيد بن حضير والبراء بن عازب وعرابة بن أوس وأبو سعيد الخدريّ.
(١) الصبير: السحاب الأبيض لا يكاد يمطر.
(٢) في الأصول: «يجود». والسياق يقتضي ما أثبتناه.
(٣) السفار: السفر، أي رب أشعث شقت كثرة السفر وكثرة العمل لرفقائه ثوبه.
(٤) في «ديوانه»: «وجر الشواء بالعصا غير منضج».
(٥) المزلج: الملصق بالقوم وليس منهم، والرجل الناقص المروءة.
(٦) الشيزي: خشب تتخذ منه القصاع.