ذكر الشماخ ونسبه وخبره
  إنك يا بن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
  وجار ضيف طرق الحيّ سرى ... صادف زادا وحديثا ما اشتهى
  إن الحديث طرف من القرى
  فقال ابن دأب: العجب للشمّاخ! يقول مثل هذا لابن جعفر ويقول لعرابة:
  إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليمين
  ابن جعفر كان أحقّ بهذا من عرابة!.
  نقد أبو نواس بيتا له ووازنه بعشر الفرزدق:
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني الكرانيّ محمد بن سعد قال حدّثني طائع قال أخبرني أبو عمرو الكيّس قال قال لي أبو نواس: ما أحسن الشّماخ في قوله:
  إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين(١)
  / لا كما قال الفرزدق:
  علام تلفّتين وأنت تحتي ... وخير النّاس كلَّهم أمامي
  متى تردي الرّصافة تستريحي ... من التّهجير(٢) والدّبر الدّوامي
  قلت أنا: وقد أخذ معنى قول الفرزدق هذا داود بن سلم في مدحه قثم بن العباس فأحسن فقال:
  نجوت من حلَّي ومن رحلتي ... يا ناق إن أدنيتني من قثم
  إنك إن أذنيت منه غدا ... حالفنا اليسر ومات العدم
  / في كفّه بحر وفي وجهه ... بدر وفي العرنين منه شمم
  أصمّ عن قيل الخنا سمعه ... وما عن الخير به من صمم
  لم يدر ما «لا» و «بلى» قد درى ... فعافها واعتاض منها «نعم»
  نقد عبد الملك بن مروان شعره:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا الخرّاز عن المدائنيّ قال:
  أنشد عبد الملك قول الشمّاخ في عرابة بن أوس:
  إذا بلَّغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين
  فقال: بئست المكافأة كافأها! حملت رحله وبلَّغته بغيته فجعل مكافأتها نحرها!.
(١) الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.
(٢) التهجير: المشي في الهاجرة. والدبر (بفتحتين) جمع دبرة (بفتحتين) وهي قرحة الدابة.